الجشي في بقايا أقداح الشعر في ثنايا الديوان مضامين حول الوعي والواقع عبدالحفيظ الشمري
|
ديوان (بقايا قدح) للشاعر رائد أنيس الجشي يحمل في ثناياه مضامين كثيرة حول الوعي، والواقع والجمال، والمثالية، إلا أن هذه المضامين تدخل حيّز التوحد والاندماج مع اللغة الشعرية الفصيحة.. تلك التي لا تترك للقارئ فرصة التأمل أو المناقشة، إنما تملي كل قصيدة رغبتها على القارئ بما تملك من جماليات محتملة.
المضامين الجمالية الأكثر حضوراً في تجربة الشاعر الجشي في هذا الديوان هي (الحب) الذي أومأ إليه في بداية هطوله الشعري:
لا زلت أقطف من أسمائها صوراً
وأنهل العشف في بيت من الغزل
فالشعر لديه مرهون بهذه العاطفة الجياشة نحو الجماليات في كل ما حوله، إلا أن التفاؤل وحده هو الذي يدفع الشاعر إلى أن يبوح بهذا الوجد في محاولة لأن يصنع وسط العتمة بريق شمعة يبعث الأمل.
زمننا رغم ما يقوله الشاعر أو يروج له لا تنقصه المثبطات إلا أن الجشي حاول في مجمل القصائد أن يكون متفائلا لعله يصنع للقارئ جسراً نحو الأمل، لتأتي القصيدة تلو الأخرى محملة على هذا النوع من المضمون الموحي بهاجس فرح ما.
الشاعر الجشي يبيّن في قصائده الأولى من الديوان علاقته مع المرأة.. تلك المخلوقة التي تمنحه القدرة العاطفية لكي يبوح بما لديه شعراً خالصاً؛ إذ لا شيء غير العاطفة:
تعالي وازرعي الأحلام
يا أحلام في قلبي
وصبي عشقك الفواح
من قارورة الحب
فهو مولع دائماً بذكر مفاتن العاطفة لكي يصبح الشعر أكثر قبولاً لدى القارئ الذي ينتظر الفكرة الجميلة، والرؤية الفاعلة، والبُعد الإنساني المعبر على نحو قصيدة (مناديل عطرك) ص 25 من الديوان.
خلفية الشاعر رائد الجشي في هذا الديوان تنزع نحو العفوية، والبساطة.. تلك التي يرمي إليها متيقناً بأن القارئ بحاجة إلى ملمح فأل وسط هذا الحطام، والركام من المشاعر المكلومة، لكنه زمن لا يقبل المزيد من الفرح؛ لأن أوان الممكن لم يعد صالحاً لهذا الزمن.. بل بات يأسنا رغم الشعر أقوى من أي محاولة من شاعر على شاكلة شاعرنا الجشي.
فلو كان الشعر يبرئ الجراح لأصبحنا جميعا شعراء ليس بالموهبة والقريحة إنما بكثافة المعاناة والبوح اللاعج منذ زمن فقدنا فيه الطهر، والوفاء، والهوية، والعفوية وأشياء جميلة أخرى.
قصائد ديوان (بقايا قدح) تراوح بين التوسط والقصر، فهي رسائل مقتضبة في فكرتها ومضمونها تجعل من رسالة الإنسان البسيط عالماً نعتد به ليكون لنا عوناً وسنداً حينما تمطرنا نوايا الواقع بوابل من الألم، فلا شيء غير الشعر يحرك الوجدان.
فصاحة القصائد واضحة؛ إذ نرى الشاعر الجشي قد برع في اقتفاء أثر الشعراء الكبار ليقدم للقارئ قصيدة متكاملة البناء، مدركاً أهمية أن يكون الشعر صورة زاهية في الوجدان، ومغردة في الذاكرة كأفضل ما يكون.
لم ينس الشاعر رائد الجشي الوطن في قصائده، لنراه وقد غناه في أكثر من قصيدة، وكذلك الأمومة.. تلك التي باح الشاعر في أشواقه وتجلى منشداً في أعمق أعماق الشوق لأن يكون العالم أكثر سلاماً وحباً، فليتنا بالفعل كما يريد هذا الشاعر الذي يغرد بجماليات الأشياء منذ أن قال أول بيت حتى أخرج لنا هذا الديوان الجميل والرشيق.
إشارة:
* بقايا قدح (شعر)
* رائد أنسي الجشي
* دار البلاغ 1427هـ
يقع الديوان في 96 صفحة من القطع الصغير.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|