أضغاث حياة مزعجة عبدالله بن أحمد آل ملحم
|
(1)
حلم كاليقظة عشته في منامي..
ويقظة كالحلم عشتها بعد قيامي مذعوراً من قيلولة مزعجة.. كل شيء رأيته كان واضحاً.. نقياً.. معروفاً:
الوجوه..
الملامح..
الأصوات..
الأماكن..
رؤيتي ولد جاري (محمد) الفتى الوادع اللطيف..
وهو يركب سيارة ذلك الشقي نواف..
وقد باتا صديقين حميمين..!!
وأنا أعجب.. كيف تجتمع النار بالماء؟!
محمد.. بلطفه وهدوئه وأدبه.. ماء منساب.. ونواف.. بشراسته وانحرافه.. نار تضطرم.. ولن يطفئ الماء النار وقد امتزجا..
ولكن هذه النار النزقة المجنونة..
قد تحرق الماء بعد أن تفقده قدرته على الإطفاء!!
(2)
ما آلمني وجعل حلمي أكثر إزعاجاً..
صورتي المنكفئة على ذات انعزالية..
صورتي التي كانت تريني محمدا يقاد مغلول اليدين..
وقد ألقي القبض عليه.. لترويجه الحبوب المخدرة.. وبكل فتور كنت أمر على والده.. فأقول له وأنا أضحك:
توقعت هذه النهاية المؤلمة منذ رأيت محمدا يصحب نوافاً ويمشي معه!!
فيجيبني والده بلوعة وحسرة خانقتين:
لِمَ لم تخبرني وقد رأيتهما معا..
لِمَ لم تتصل بي، أو ترسل رسالة جوال..
أين حق الجيرة.. أين.. أين.. أين؟!
وهنا قاطعته وأنا أقهقه من جديد:
لا.. لا.. لا.. أنا لا أحبذ الفضول..
ولا أتدخل في حياة الآخرين..
وكل إنسان حر في تصرفاته..
لكن...
قبل أن يتم كلامه تنبهت من منامي، وأنا لا أشك أنني كنت أعيش واقعاً مزعجاً..
فلما تحققت أنني أحلم..
أحسست بالسعادة..
لأن النار لم تحرق الماء..
ولأن الخير والشر لم يلتقيا..
ولأن الفضيلة لم تفتن بالرذيلة.. فتذوبُ فيها وتختفي..
(3)
بعد جمعتين من رؤية ذلك الحلم المزعج.. وجدتني وأنا يقظ الذهن.. متيقظ الحواس.. أرى محمدا ولد جاري كما رأيته في المنام..
يخرج من بيتهم ليركب سيارة نواف الكامري السوداء..
استوقفتهما..
دعوت محمدا وانتحيت به جانباً..
حذرته من نواف.
وقبل أن أتم كلامي فاجأني قائلاً:
خلك في حالك أحسن لك..
ثم ركب السيارة وانطلقا يسابقان الريح!!
(4)
في المساء لقيت والده فحدثته بالأمر وأنا قلق بشأن ولده..
فقال لي وقد بدا على وجهه أثر الانزعاج والضجر:
هو صادق.. خلك في حالك أحسن لك!!.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|