مكتبة المسرح
|
يستهل الدكتور عوني كرومي كتابه بتعريف للعلاقة بين المسرح والمنصة حيث يقول: إنهما فضاء يشترك فيه الممثل والمشاهد في إنتاج وتلقي المعنى في الزمان والمكان نفسيهما، محافظاً على كلتا الوحدتين اللتين لا يمكن الفصل بينهما. كما أن أي فصل يلغي النظام المسرحي ويحيله إلى نظم ثقافية أخرى (كأن يتم تسجيل العمل أو العرض على شريط سينمائي أو حتى شريط صوتي) أو أن يتم أخذ جزء من العرض المسرحي واعتباره الكل، مثل النص الذي يعتبر وحدة أو بنية العرض الأساسية، حيث عمل على تحليلها وتفسيرها والتنظير لها دون النظر بعين الاعتبار إلى أن المسرح يقوم على ما يقدمه الممثل من فعل الأداء الذي هو تجسيد لفعل الشخصية أو الحدث.
ثم يوضح مفهوم الدلالة في المسرح بأنها: كل ما يمكن ربطه بعلامة قابلة لأن توحي بمعنى أو قصد، لأن المسرح فن دلالي، فن تركيبي من مجموعة علامات مادية حسية ومن علامات ذهنية تكون فيها حاسة السمع والبصر هي الأساس للتفاعل مع علامات الحياة، والتي تنتج بواسطة جسد الممثل وصوته ومما هو مكون للعرض المسرحي.
ويلخص أهمية علم الدلالة في المسرح مهم جداً في جانبين هما:
أ تحليل العمل الفني ودراسته، ليس فقط على مستوى إنتاج المعنى من خلال النص، بل تحليل مكونات الخطاب المسرحي.
ب الاستفادة من مكونات الدلالة واكتشاف أنواعها في المسرح، وتطبيقها بهدف إنتاج المعنى من خلال إبداع الفنان.. إن معرفة الفنان بالدلالة هي الوسيلة الكفيلة لإيصال المعنى وتحقيقه المعنى المعتمد على الوعي الجمعي عند المشاهد.
والعرض المسرحي لا يمكن أن يقدم خطاباً مسرحياً إذا لم يعتمد على الواقع والمجتمع والظروف الاجتماعية والتاريخية التي تسهم في إخراجه، كما أن العرض المسرحي الذي يسعى إلى أن يلغي الواقع والحياة الاجتماعية لا يمكن له أن يجد صدى أو قدرة على صياغة التأويل الذي هو جزء مهم من عناصر الخطاب المسرحي. المشاهد يتعاطف مع العرض المسرحي:
أ لأنه يجد صدى لخطابه الذاتي، أي قصدية مشتركة.
ب من خلال ما قيل وأشيع عن العمل الإبداعي عبر وسائل الاتصال الجماهيري (الصحافة، الإذاعة، التلفزيون) تحقيقاً، نقداً، دراسة.
ج من خلال الصدى الاجتماعي والتأويل الاجتماعي الذي يتناقله المشاهدون.
د من خلال معرفة مسبقة بموقف المبدعين في العرض المسرحي (من المؤلف إلى المخرج إلى الممثلين) أو الفرقة المسرحية بروحيتها الجماعية ومواقفها الفكرية ونظرتها الكونية. والخطاب المسرحي هو:
مجموعة من الوسائل التي تجعل إدراك العرض المسرحي أمراً ممكناً يقوم المعنى المنتج من مجموعة العلاقات المؤسسة في العرض المسرحي، يقوم على تحليل وتقديم الأشكال الاجتماعية المتغيرة والمتحركة ويحدد نظامها ودوافعها وينقلها من مفهوم المحاكاة إلى مفهوم التغريب، وهناك عدة مستويات:
أولاً: اكتشاف العلامة ومعناها.
ثانياً: اختيار العلامة.
ثالثاً: التعبير بواسطة العلامة (الاختبار والتعبير).
رابعاً: دلالة العلامة.
خامساً: إخضاع العلامة للمعنى بهدف إنتاجه.
إن تقنية الخطاب المسرحي هي:
جعل الأشياء غير مألوفة وجعل الأشكال صعبة، بهدف تصعيد صعوبة الاستيعاب وتوسيع مداه. أن جعل موقف ما أو شيء ما أو شخص ما، أو فكرة ما، غير مألوفة معناه أن نرى الأشياء بشكل مختلف.
والخطاب المسرحي لا يكون فعالاً ومؤثراً ويعبر عن وجوده إلا عندما يستطيع أن يرتقي بالعرض المسرحي كي يلعب دوراً مهماً في خلق المثل العليا للحياة، والتي يطمح المشاهد إلى معايشتها، فالخطاب المسرحي يعمل على تكوين الإنسان وتنشئته، وكلما صعد في قيمة الخطاب المسرحي حقق المسرح قيمته وجودته وأهميته الاجتماعية. لأن الخطاب المسرحي هو الذي يفجر العرض المسرحي ثقافياً ومعرفياً، إذ هو يهتم بالوجه الآخر للعرض المسرحي والمتمثل بالإنتاج.
يمكن لنا أن نقول إن الخطاب المسرحي: هو خطاب إبداعي لا يمكن دراسته على أنه أسلوب لعصر من العصور ولغة لزمن من الأزمنة بل يتجاوز هذه الحدود إلى ما لا نهاية.
تجمع هذه الصورة كلاً من الممثل المسرحي القدير إبراهيم السويلم والممثل المبدع راشد الورثان والكوميدي محفوظ المنسف في أحد المشاهد من المسرحية الاجتماعية الكوميدية (شلني وأشيلك) والتي سبق وأن قدمتها جمعية الثقافة والفنون بالدمام قبل حوالي أحد عشر عاماً.
الكتاب: الخطاب المسرحي
دراسات عن المسرح والجمهور والضحك
المؤلف: د.عوني كرومي
الناشر: دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة 2004م
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|