مستغانمي تصف العالم بأنه بلا قيم
|
* الثقافية عبد الحفيظ الشمري:
تنقسم الرؤية للأدب الروائي حالياً إلى رؤيتين: الأولى ترى أن الرواية هي مجرد وصف أمين للواقع، حتى وإن كان مكاشفاً مباشراً في بعض الأحيان. فيما تشير الرؤية الثانية إلى أن الفن الروائي هو تعبير ضروري عن قِيم المجتمع مع محاولة حثيثة لإصلاحها.
فلو قمنا بإسقاط هذه الرؤية بجزأيها (الوصفي) و(التعبيري) نجد أن جل الروايات تجنح إلى تبنِّي الشق الأول منها، ذلك أن روائياً كمحمد شكري لا يمكن أن تقول عما يقدِّمه من سرد روائي: هو مزيج بين هذا وذاك، بل نراه نحن القرَّاء ببُعد استشرافي لا يقيم أي علاقة مع القيم؛ لأن مضمون ما يطرحه (شكري) هو خارج سياق القيم الاجتماعية التي لا يمتلك الاستعداد الكافي لأن يفرضها من خلال مشروعه الروائي.
أما لو تأملنا تجربة الروائية الجزائرية (أحلام مستغانمي) فإننا نلمح فوراً ودون حاجة إلى أن نلتفت إلى ألاعيب النقاد وحيلهم؛ نلمح وجود عضوية فاعلة بين المفهومين أو الرؤيتين؛ فالواقع الذي يحضر دائماً في طروحات أحلام مستغانمي الروائية هي قضية (الثورة) بمفهومها المنادي بتمثل ثورة الآباء والأجداد في الجزائر ضد المحتل، إلا أن هذه القيمة الاجتماعية لا تصبح خطاباً خالصاً يهدف إلى التعبير عن قيم الشخوص في العمل أو حتى قرَّاء العمل ذاته، إنما هي محاولة فقط لاستحضار صورة البطل المقاوم واستدراجه إلى أماكن أكثر نأياً عن حالته التي تواضع القرَّاء حولها.
فالروائية أحلام مستغانمي بوضوح شديد تنتهج أسلوب عرض الأحداث التاريخية دون رسم معالم الدرس المستفاد من استحضارها، فمثلاً حينما يسير أحفاد الأبطال في حرب التحرير في أرض فرنسا وفي دهاليز ليل باريس تحديداً كيف يتسنَّى استحضار حقيقة التفاعل مع تلك التجربة العطرة من تاريخ الأمة الجزائرية؟
يبقى في الذهن أن مستغانمي أرادت أن تُعصرن واقع التحرير الذي هو أنشودة الجميع دون أمانة في عكس تعبير خلاَّق يؤكد حقيقة الحاجة إلى قيم المجتمع الذي قاوم الغزاة، فإن لم توجد لأسباب ما فإن وصف واقع أحفاد التحرير هو أبلغ من حيث المتعة والفائدة.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|