أعراف قدرةُ با قادر!! محمد جبر الحربي
|
ولقد عرفته منذ عشرين عاماً، حافظ فيها على انسجامه مع ذاته، وحقق فيها ما يعجز الكثيرون عن تحقيقه في عمر.
أبداً يتصاعد وينمو مثمراً، مانحا الثمر والظل والجمال للآخرين.
نموذج للمثقف الموجب الفاعل، وللأكاديمي العامل.
لم تُسكنه ثقافته برجاً عاجيّاً، ولم تسرقه أكاديميته من نبض الشارع، وقضايا الناس، ولذلك ظل الوطن نصب عينيه حلماً، وحقيقة يسعى إلى توثيقها، كما يسعى إلى رفعه عالياً لا بالمبالغة، والحب المتوهم، بل بالعمل الدؤوب لأجل عينيه.
لقد أحب هذا الرجل الناس بكافة تموجاتهم، وطبقاتهم، غنيهم وفقيرهم، كبيرهم وصغيرهم، خاصتهم وعامتهم.
وأحب الأدباء من كافة المدارس والمغارس.
التقيته في الرياض قبل أشهر في ساعة من ألطف الساعات، وكنت أستشيره في موضوع أو مشروع ثقافي، فكان الأذن التي تسمع، والقلب الذي يصغي، والعقل الذي يشير بكل تجرد وحياد واحترام.
ثم كانت رحلتنا إلى تونس، وكان رئيساً للوفد المشارك في الأسبوع الثقافي فاكتشفت ما كان مهما أن أكتشفه في مثقف وأكاديمي سعودي
لقد اكتشفت الإنسان في الدكتور الفاضل أبوبكر باقادر، وأنا أحب الناس، وتلهمني تجاربهم، وهم يقولون: إذا أردت أن تعرف إنساناً وتجرّبه فسافر معه.
قلت وأنا رجل أحب الجلوس إلى نفسي، وكانت رحلتنا من جدة إلى تونس كافية لكي أرقب دكتورنا واقفا معظم الرحلة متنقلاً من مقعد إلى آخر مداعباً الجميع من صغيرهم إلى كبيرهم.. ومن فنانيهم التشكيليين إلى فناني الفرق الشعبية.
كما لاحظته في الفندق متابعا لتفاصيل التفاصيل، منهمكاً مهموماً منشغلاً بكل جزئية، وبكل فرد دون أن يفقد ابتسامته ولطفه.
هو يقول: إنني رجل خجول، وشاعر (كبير أو عظيم) فأعترف بخجلي وفوبيا الناس والكاميرات والمرتفعات، وبأنني لست بشاعر عظيم ولكنني محب عظيم.
وأنا أقول: إنه مثقف شامل متواضع يحب الناس والوطن.
واسمي ظاهرته اسما هو: قدرة باقادر.
وإذا كانت مشكلة كثير من مثقفينا أنهم يغردون خارج السرب بعيداً عن الناس والأوطان، وبالضرورة، بعيداً عن قضايا وهموم الناس والأوطان.. ويفهمون الإبداع بأنه الذوبان في الآخر، وتتعالى أناهم حتى لتكاد تسمعهم يصيحون: أنا وليذهب العالم إلى الجحيم.
وكانت مشكلة كثير من أكاديميينا أنهم لا يرون أبعد من أسوار الجامعة والسكن الجامعي، ولا يعرفون ماذا يغرق الناس، وماذا يحرق المبدعين.
هذا إن كانوا يعرفون الناس والمبدعين!! إضافة إلى ما ورد أعلاه بالنسبة للمثقفين، وجلهم مثقف كما يحب ويهوى لا كما ينبغي.
وإذا كان ذلك كذلك فإن ما يثلج الصدر، ويخفف من الأسى، ويفتح كوة للضوء أن نجد اليوم في وزاراتنا أكاديميين ومثقفين لا تنطبق عليهم الصفات الرديئة السابقة.
ومن تلك الوزارات وزارة الثقافة والإعلام في حلتها الجديدة.
فلدينا على سبيل المثال ثلاثة وجوه جمعت مع الثقافة حب الناس والوطن، وحب العمل، وعلت في أعيننا بتواضعها، ونزولها إلى إيقاع الحياة اليومي لأهلها.. ووقوفها منحازة إلى المعرفة والجمال والخير.
نعم لدينا اليوم معالي الأستاذ أياد مدني، والدكتور أبوبكر باقادر، والأستاذ الصديق محمد علوان الذي جند نفسه لخدمة المثقفين والمبدعين.. وعموم الناس طوال أكثر من ثلاثين عاماً في وزارة الإعلام.
يقولون: إن خير الكلام ما قلّ ودلّ
ونقول إن خير الكلام ما قل ودل، وقصد به الخير فأثمر.
mjharbi@hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|