مطالعات عبدالحفيظ الشمري (فاطمة.. بنت السراة) بعد المطر.. رائحة لغة السرد في الرواية موائمة بين المقولة والحدث
|
للكاتبة فاطمة بنت السراة عمل قصصي سبق هذه الرواية التي وسمتها بعنوان (بعد المطر دائماً هناك رائحة)، وذلك العمل القصصي حمل البدايات الأولى، لكن هذه الرواية تمازجت وبإصرار فريد لتشكل بناء مفردة الخطاب السردي العفوي، ذلك الذي يتكئ على حكاية أمر ما.. وها هي فاطمة تنبري لهذا الاسترسال السردي الذي يضيء واقع الأسرة البسيطة، لنجد أن لحظة الاستهلال في الرواية تأخذ هيئة الإفصاح الواعي عن هذه الأحداث التي تعصف بالأمة، ربما ذكرت أولاها، وهو المتمثل بما بات يعرف ب(أحداث سبتمبر)، والتي أصبحت بكل أسف عنواناً لكل قضية، وتاريخاً لكل تحوُّل.
الرواية متميزة في لغتها، فقد برعت الكاتبة فاطمة في سرد هذه الأحداث التي عُنِيَتْ بها بلغة فائقة الهدوء، مناسبة الحضور، فلم تشأ الكاتبة أن تتجشم عناء اللغة القوية؛ لأنها تشعر بأن الأحداث واقعية جداً، فلا تحتاج إلى لغة خاصة قد يقول عنها البعض (الفلسفة اللفظية)؛ إذ ظلت الكاتبة وطوال السرد مشغولة ومواظبة على اقتفاء حساسية الخطاب الإنساني الذي يتولد من هذه الأحداث التي تسردها الكاتبة؛ لتجعل من المطر ورائحته نافذة مشرعة تطل منها على عوالم الآخر في المجتمع.. ذلك الذي يقاسمها ألم الحرمان وشعور الحزن لفرط ما تسير هذه الأحداث نحو الأذى.
تسجيل المواقف.. حكاية الألم
تظل رواية (بعد المطر دائماً هناك رائحة) للكاتبة فاطمة بنت السراة عملاً متميزاً، يسجل نقطة تحوُّل في أدائها القصصي، فالرواية مشروع حضاري يسجل الموقف الإنساني النبيل من حكاية (قذارة السياسة) التي أخذت تنغص على الإنسان البسيط وتسد عليه منافذ تفكيره، لنرى وقد تحول شهر رمضان المبارك لدى (الراوية البطلة)، ومن خلال هذه الأحداث العالمية، إلى ما يشبه الألم، رغم محاولاتها استرجاع وجه الماضي الجميل، حتى وإن كان على هيئة ما ذكرته حينما قابلت (مُدَرِّسة ابنها)؛ لتعيد تلك السيرة أطرافاً من سيرة قديمة تثير في الإنسان الشجن الجميل.
حكاية الألم في رواية الكاتبة (فاطمة) ذهبت في اتجاه واحد (تقريباً)، هو المتمثل في معاناة (البطلة) وقصتها الشخصية التي دأبت من خلالها على أن تجعلها قضية مَن حولها، بل نراها وقد حاولت بشكل مؤثر ولافت أن تجذب القارئ نحوها من خلال عرض العديد من القضايا السياسية والاجتماعية في محاولة لأن يتقاطع المتلقي معها حول هذه الوقائع الخطيرة التي عصفت (بنا) على وجه التحديد.
طافت الكاتبة وعبر أحداثها المتوازنة بين الذات والآخر.. لكن هذا التجاذب لم يكن عنيفاً وقلقاً ليولد خطاباً قرائياً قوياً، إنما ظلَّ سجالاً بين أحداث ممكنة، وواقع أسري حاولت الكاتبة أن تقدمه للقارئ باعتباره نموذجاً ملائماً لحالة السرد، لتظل الحكاية الأسرية هي الخطاب الفني الذي يؤسس ذاته في ذهن القارئ، إلا أن هذا الخطاب ظل بنبرة وعي عالية وحس إنساني قوي.
إيماءة:
* بعد المطر دائماً هناك رائحة.. (رواية)
* فاطمة.. بنت السراة
* دار الانتشار بيروت لبنان 2003م
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|