ورحل المغموس في ألم الكتابة والإبداع
|
( بينما الناس يعيشون اجواءً، روحانية.. وبينما طائقة منهم كانت تعد العدة لاداء الحج جاء خبرة وفاة المبدع العربي عبدالرحمن منيف في أحد مشافي (الشام) بعد معاناة طويلة مع المرض.. جاء الخبر فلم استطع لحظته التعليق أو الكتابة.. بيد أن النية كانت مبيتة للخوض في هذا الموضوع المفجع.
وأكرمني الله بالحج واتممت الفريضة ثم عدت الى الاهل والاولاد.. عدت الى الدنيا.. الى الركض في دروب الحياة بكل ما في هذه الحياة الضيقة القصيرة من هموم والام وغفلة ومصاعب واثام.
ومكتبتي المنزلية جزء من حياتي.. رجعت اليها رجوع العاشق المشتاق الى محبوبته الفاتنة.. ورحت مفتشاً بين الكتب عن أي شيء يتناول أو يشير الى الفقيد عبدالرحمن منيف خصوصاً ان الراحل احد الاعلام الذين اخذوا بنصيب وافر في سلم اهتماماتي عبر مسيرتي الابداعية لاكثر من عشر سنين.. ولم اسعد بلقاء الراحل برغم زياراتي المتكررة الى (دمشق)، غير انني كنت اسمع من كثير من المتابعين والهواة من يثني على هذا الاديب المبدع واصفين ابداعاته بالجدة والتميز مع قوة تأثيرها في المتلقي اسلوباً ومضموناً.. ومن كتب منيف التي قرأتها مؤخراً (الكاتب والمنفي) وهو كتاب متوسط الحجم يلقي الضوء على فكر الرجل وفلسفته الخاصة وبصمته التي بالتأكيد لا تشبهها بصمة اخرى.. في الكتاب هذا حوارات واسئلة طرحها صحفيون متمرسون وادباء كبار علي عبدالرحمن منيف فأجاب عنها بأسلوبه هو.. وبفهمه هو.. بفكره هو.. وبمبادئه هو فقط الاسئلة، التي تلقاها الراحل مكنته من الحديث بحرية وعمق كبيرين.. اقرب الى العفوية والتقائية والوضوح، وتلك سمات الصادق والمؤمن كل الايمان بما يقول ويعتقد وينادي به.
قد نختلف مع منيف، وربما اغضبنا بعض قوله او فعله لكن في النهاية نحن امام قاعدة عامة نقول كل شخص غير النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يؤخذ من كلامه ويرد).
وكذلك عبدالرحمن منيف ليس بدعاً بين الرجال.. فيه ما في سواه من البشر من ضعف وقصور وخطأ ولن يحيط كغيره بكل شيء علماً.
كتاب ( الكاتب والنفي) يقع في 400 صفحة القسم الاول منه عبارة عن مقالات ومحاضرات للراحل في 180 صفحة.. خلالها عبر منيف عن كثيرٍ من آرائه ومواقفه في فن الرواية عموماً والرواية العربية بالاخص.
أما القسم الثاني فيضم حوارات مختلفة في الزمان والمكان اجريت مع الراحل تناوب على طرح الاسئلة ثمانية مبدعين وادباء.. ولعل من ابرز هؤلاء المحاورين يمني العيد وفيصل دراج.. يقول عبدالرحمن منيف عن الكتابة مجيباً على سؤال صحفي حول هذا الموضوع:
( الكتابة حين تصبح كل شيء بالنسبة للكاتب فإنما تعني استغراقاً وقناعة.. او ربما لانه لا يملك وسيلة اخرى للتوازن مع هذا العالم تمهيداً لفهمه واخيراً محاولة السيطرة عليه من أجل تغييره الى عالم افضل ( الكتابة بعض الاحيان ليست اختياراً وانما اقرب الى المرض او هاجس المرض.
أما مسألة ان يكون الانسان كاتباً كحرفة فأعتقد انها اشق الحرف واصعبها وربما ايضاً غير مجدية اذا كانت مجرد حرفة..
رحم الله عبدالرحمن منيف واسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا اليه راجعون
بدر عمر المطيري
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|