الوجه الآخر للحياة..!! تهاني بنت عبدالكريم المنقور
|
إليك أيها الوجه الآخر للحياة.. ذاك الوجه الصادق النقي (بنان) بعضاً من التنهدات المباحة لزمن منزوع الملامح.. غريب الإنسان.. باكي الفرح.. مؤلم أمله!!
(1)
(بنان) دعيني أحكي حكاية (نرجسي) ظل زماناً يبحث عن بقعة هادئة يركن إليها.. ويمارس طموحه وحلمه وحياته!! ظل يبحث طويلاً حتى وجد مبتغاه..!! وما كان منه إلا أن تملكه بشعور حب في البداية ليتطور إلى منحنى آخر بعد ذلك.. منحنى دخل به إلى طور الأنانية وحب التملك..!!
أخذ صاحبنا يا غالية الرسم في هذا المكان.. ويطبع بصماته في كل ركن من أركان تلك البقعة.. وهبها الحياة.. ويريدها له وحده.. لا يحب أن يشاركه الآخرون بها.. فما كان منه إلا أن ازداد عطاءً.. لتزداد أنانيته.. وتباعاً لذلك كثرة بصماته في الظهور.. والوضوح لللآخرين.. أتعلمين لم تلك الزيادة يا غالية؟! حتى يغطي على سلبيات وعيوب عطائه وعلى أنانيته وتملُّكه لتلك البقعة الهادئة!!
أرأيت يا (بنان) كيف أخذ صاحبنا يهرول في تلك البقعة.. جاهداً لأن يكون له ملامح في كل جزء منها؟! أرأيت كيف وصلت به الأنانية إلى إنكار مشاركة الآخرين وتفاعلهم.. وكيف له أن ينتقد.. ولا ينقد!! وأن يمتلك.. ولا يتنازل أو يهب؟!
(2)
يا (بنان) لم يتوقف ذاك النرجسي عند هذه النقطة بل تعداها إلى نقطة أخرى.. أكثر عدواناً وجرماً.. حين تسلَّل الملل إليه من تلك البقعة.. وأُصيب بالإجهاد المضاعف..!!
فأراد أن يترك تلك البقعة..
المشكلة يا عزيزتي أن صاحبنا لا يريد أن يتخلى بهذه البساطة عن تلك البقعة لآخر غيره مهما كان.. مصلحاً أو طامعاً!! لا يريد لآخر أن يهبها الجمال.. الأكثر صدقاً.. فيكشف للآخرين عيوب ما رسمه من جمال بها.. ويتضح التشوه المقنع بذاك الجمال الذي طبعه في جزء منها!! (بنان) لقد سعى بكل قوته لتشويه ملامح تلك البقعة.. وإحداث الإضرار بها الضرر البعيد المدى.. كي يمنع أي زائر من إحداث أي جديد..!! لقد حاول.. طمس كل معالم الحياة بها.. كي تكون وميض شؤم لكل قادم إليها!!
(3)
(بنان) حكاية صاحبنا النرجسي هذا.. تتكرر أمامنا في مسرح الحياة كثيراً لكن بأشكال مختلفة، وأبطال متعددين بأدوار نرجسية..!! وذلك كله لأن هناك حلقة مفقودة في تعاملاتنا.. صدقنا.. مشاعرنا..!! فأصبحنا لا نفرق بين (ذوي الأنوف الطويلة) المنافقين المتصاعدين.. وبين مَن يصدقون التعامل معنا..!! لم نعد نفرق بين المحب الصادق لنا.. وبين مَن ينافقنا ويدعي الحب لنا..!!
أصبح لهم معنا غايات موقوتة كما المعلبات المحدد عليها تاريخ الصلاحية!! بانتهاء الصلاحية تلك تنتهي العلاقة وتبدأ عملية التشويه بعدها..!!
المضحك في الموضوع أن (الحب) أصبح سلعة تباع على الأرصفة.. و(الوفاء) سمة نادرة والوجود.. و(العطاء) فعلاً غبياً أحياناً.. والمثابر صاحب الضمير (ساذج كبير).. فما رأيك يا غالية؟!
لم يعد هناك ما يغري لعلاقات إنسانية.. خالية من التنمق والتعلق!! لم يعد هناك الرغبة لصنع عوالم جميلة نقية..!! حتى الطموح والحلم فقد نكهته وحلاوته!! آه يا غالية.. فقد أصبحت الذاكرة مكاناً لركن الأسماء فقط.. وحين البحث عنهم.. لا وجود هنا أو هناك.. فقط أسماء دون أفعال!! صور دون أرواح..!! الأجمل في الذاكرة أنها مثقوبة.. ويتسرَّب منها كل ما لا طعم له ولا رائحة..!! البشر.. أصبحوا مستنسخين.. فصبر جميل والله المستعان..
ص.ب: 56951 الرياض: 11564
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|