الغربال أ. د.عبد الله ابو داهش (*)
|
قال القاسم بن علي بن هتيمل "القرن السابع الهجري" يندب شبابه، ويصف المشيب:
رمت المتاب ولات حين متاب
وصباي بعد الأربعين تصابى
أهوى وقد نضت السنون نضارتي
عني وقد سلب المشيب شبابي
بدلتُ كافوراً بمسك أذفر
في لمتي وحمامة بغراب
أفلا يعزيني الرفاق بغائب
كالميت لا يقضي له بإياب (1)
قلت: لم يكن ابن هتيمل الضَّمدي بقليل الشأن الأدبي في زمانه، بل كان على منزلة شعرية رفيعة، عرفه أدباء عصره، وأثنوا عليه، ومنهم: أدباء الحجاز الذين قالوا قولهم الفصل عند وصول ديوانه إليهم في مكة المكرمة، إذ رأوه يغني عما سواه، ولقد عمّر القاسم بن علي بن هتيمل طويلاً فانتظم عمره القرن السابع الهجري بتمامه إلا قليله، وقالوا: إنه لم يمدح أحداً إلا ورثاه.
ها هو في هذا النص ينكسر به الخاطر فيندب شبابه، ويظهر حسرته على صباه، وقد تجاوز الاربعين أو كاد، ألا ترى وجد الشاعر ألمه يفيضان بالحزن، حيث لعب المشيب بلمته فعم سواد شعره النضر، وأضحى مظهره النامي في ضعف وشببه.
هكذا إذن انتكس شبابه، وداخله الهرم، فلم يعد ندي صبوة ونضارة، وصدق الله العظيم، إذ يقول: {يّا أّيٍَهّاالناسٍ إن كٍنتٍمً فٌي رّيًبُ مٌَنّ پًبّعًثٌ فّإنَّا خّلّقًنّاكٍٍم مٌَن تٍرّابُ ثٍمَّ مٌن نٍَطًفّةُ ثٍمَّ مٌنً عّلّقّةُ ثٍمَّ مٌن مٍَضًغّةُ مٍَخّلَّقّةُ وّغّيًرٌ مٍخّلَّقّةُ لٌَنٍبّيٌَنّ لّكٍمً وّنٍقٌرٍَ فٌي الأّرًحّامٌ مّا نّشّاءٍ إلّى" أّجّلُ مٍَسّمَْى ثٍمَّ نٍخًرٌجٍكٍمً طٌفًلاْ ثٍمَّ لٌتّبًلٍغٍوا أّشٍدَّكٍمً وّمٌنكٍم مَّن يٍتّوّفَّى" وّمٌنكٍم مَّن يٍرّدٍَ إلّى" أّرًذّلٌ پًعٍمٍرٌ لٌكّيًلا يّعًلّمّ مٌنً بّعًدٌ عٌلًمُ شّيًئْا}(2).
الحواشي:
(1) ديوانه
(2) آية 5 سورة الحج.
+++++++++++++++++++++++++++
* أبها كلية اللغة العربية جامعة الملك خالد
+++++++++++++++++++++++++++
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|