ترى من كان يعني؟ اي طيف خاتله وخادعه ولم يبق له غير تجاعيد السهر بعد ان تركته طريدا وحيدا على الطريق دون اثر؟ |
"يا انتِ من اي البلاد اخذتِ تذكرة الرحيل؟ |
اي الحقائب تحملين؟ |
اي المشاعر تنزفين؟" |
اما هو فما برح في عنق رؤاه لارداه يتفيأ املا غاربا هاربا.. ويتقيأ جرحا عميقا عاضا على شفتيه من وجع زمنه القتيل.. حتى هذه اللحظة لم يبرح مكانه.. لم يتقدم الى غده فاغلال يومه تشده وتصهر خاصرته بعد ان عدا نحوها دون ان يلمس لها على اثر: |
"رحل الزمان ولم يعد |
فرجعت وحدي نادبا |
عودي الى شفتي.. فلم يبق على شفتي احد" |
اخال شاعرنا سوف ينتظر طويلا يمصمص شفته دون ساكن جديد لأن غور الغائب بعيد لا تقرب مسافاته مجرد خيالات مثقلة بالامنيات أو الاغنيات.. |
ولأنه عاشق متيم فما زال يحدو لسنينه الهاربة: |
"ونام الليل في عينيك الا نجمة وسنى |
تلقف عتمة الاحلام حول مضارب القوم" |
لماذا؟ لأنه باعترافه كان يخون لون الليل ويسرق للرؤى لونا مغايرا غير منطقي: |
"وكان الموت يحييني ويخلق ألف معركة |
ليصرع نجمة الاحلام في عينيك" |
ولأنه بلا سيف يساوم به لم يجد الا التوسل سلاحا فاشلا في معركته: |
"اعيديني كعبد لأم بعد تهدهد الحمل |
فإني ضقت في عينيك.. هاكِ الموت والكفنا |
بعثت النجمة الوسنى. فما عاد الهوى وطنا" |
بهذه النهاية المأساوية الذليلة انكفأ حول نفسه عبدا يتوسل.. يتسول الهوى.. والعبد لا مكان له في قاموس الحب.. |
"آه.. واختاه".. مقطوعة شجن وفاجعة لانها حب راحلة لن تعود الى دنياه مرة ثانية: |
"اضأت بين عينيك نهارات الفجيعة |
ثم غصت في ذيول الطين تستجدين نوبات حنيني" |
من اغرقه الطين ووارى جسده التراب ابدا لا يستجدي.. الذين يستجدون فقط هم الذين يملكون صوت الضعف "حين حاولت ان أرثيك.. ان اخطو في درب القصيدة. |
آه كم انت بعيدة.. |
اصلب الليل على جفني.. واقتات حنيني |
سافري جرحا تنامي.. |
انما نحن يتامى.. انما نحن يتامى" |
ليس فينا يا شاعري الا يتيم فقد اما او ابا.. واولادنا واحفادنا سيؤولون الى اليتم حين نموت.. هكذا سنة الحياة.. |
الهروب عنوان لمشاعره الموسومة بالقلق حتى وهو يغني لفصوله الهاربة: |
"ايها القادم من غوغاء نفسي |
كيف تعتدك ببرديك الثنايا" |
علامة استفهام لازمة ما دمت تسأل كي يأتي الجواب على قدر السؤال : ويسرد لنا البدايات: |
"كنت طفلا.. كركر الاحلام في اليوم المطر" |
يكتب الاسماء في الطين كما لو كان لوحة.. وفي العراء يوم شتاء قارص.. لأنه طفل جامح في قلبه وفي منفى سكونه. |
انه يهاب رقصة الموت كما يخشاها الرجال.. لقد ضاق بتلك الضوضاء والغوغاء داخل صدره وراح يخاطبها: |