بين رأيين إلى وزارة الثقافة والإعلام صندوق الأدباء.. بين ذل المسألة وعفة الأعزاء
|
الثقافية: سعيد الدحية الزهراني:
لا يخالجني شك في ان المطالبة بصندوق الادباء مسألة طرقت مئات المرات من قبل وخوطب بها جهات مختلفة كالاندية الادبية وجمعيات الثقافة والفنونلكنه لم يبصر النور بعد ولا إخاله سيبصره لو استمر الحال على ما هو عليه.
الان وبعد ان وجدت وزارة الثقافة والاعلام بدأ يلوح في الافق الثقافي والادبي بصيص أمل في كثير من الامور الثقافية والادبية وأحد اهم تلك القضايا قضية صندوق الادباء وحيث انني لا أريد ان استأثر بالحديث عن تفاصيل هذه القضية. فإنني سأترككم مع زاويتكم "بين رأيين" لتطالعوا كلاً من رأي الاديب الاستاذ/ محمد القشعمي والقاص الاستاذ يوسف الذكير. حيث ابتدأ الاستاذ القشعمي رأيه بالحديث عن أهمية الصندوق في الجانب الإنسانى قائلاً:
صندوق الأديب
وقبله جمعية الكتاب والأدباء
أهمية صندوق الأدباء يكمن دوره في لقمة العيش لمن يكبو به الجواد أو لمن يتعرض للأمراض وينسد أمامه باب الرزق من الكتاب والمبدعين في المملكة.
كلنا يعرف ما حصل للبعض في آخر حياتهم أو مقتبلها من أمراض فتاكة لم يستطع الكاتب لوحده أن يجابهها إضافة لتأمين لقمة العيش لصغاره، مما يحمل هذا أو ذاك إلى طرق الأبواب كمتسول أمام أبواب الكرام واللئام في الوقت نفسه لماذا لا نحفظ ماء وجه هذا الأديب أو ذاك الكاتب عندما يخونه الزمن ويقعده عن الكد والكدح؟!! لماذا لا يكون هناك هيئة أو رابطة أو جمعية رسمية معترف بها يخصص لها إعانة سنوية من الدولة أسوة بالجمعيات الخيرية والتعاونية المدعومة من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
مع ما يسدده أعضاء الجمعية من رسوم اشتراكات وغيرها.
لا شك أن صندوق دعم الكتاب والأدباء مطلب عادل ومهم وعاجل فقد مر على الكثير من أدبائنا ما يؤلم القلب من أمراض مزمنة ومستعصية أقعدتهم عن العمل، ثم اختطفتهم منا ونحن نتفرج دون أن يكون بإمكاننا خدمتهم أو إسعافهم لقلة ذات اليد، ولنا بما حصل للمرحومين عبدالعزيز مشري، وعبدالله باهيثم، وعبدالله بامحرز وغيرهم كثير عبرة وعظة.
وأخيراً ها هو الأستاذ فايز أبا يعاني ولا نستطيع أن نقدم له شيئاً سواءً للعلاج أو لتأمين لقمة العيش ومتطلبات الحياة له ولعائلته.
إن صندوق الأدباء لا يمكن أن يتأسس وبشكل صحيح ما لم يعلن رسمياً إنشاء هيئة أو رابطة للأدباء في بلادنا تستطيع أن توجه العمل الثقافي وتنظمه بمختلف مناحيه وأجناسه ومؤسساته، وهي الجهة الوحيدة المفترض فيها اختيار العناصر الأكفأ للعمل وإدارة المؤسسات الثقافية من أندية أدبية أو جمعيات أو مكتبات وغيرها، وتضع له برامجه وتشرف على تنفيذه ومحاسبة المقصر وإثابة النشط المجتهد، ويكون لهذه الرابطة مجلس إدارة منتخب من العاملين في المجال نفسه يرضى عنه الكل، ولا مصالح شخصية لأعضائه.
ولا شك أن وجود هذه الهيئة أو الرابطة أو الجمعية أو النقابة أو أي اسم يختار لها سيكون له دور إيجابي داعم للجهة الرسمية المسؤولة كوزارة الثقافة والإعلام، وسيقتصر دور الوزارة على الإشراف الفعلي، وستكون تلك الهيئة تحت إشراف الوزارة وفق لوائح وأنظمة تحدد التزامات وواجبات ومهام كل جهة، وحتى تمثيل المملكة في المحافل العربية والدولية وحضور المؤتمرات والندوات الثقافية لن يكون لها الدور الإيجابي الفعال ما لم يختر من يمثل المملكة بشكل لا مجاملة فيه، ولن يتم ذلك إلا من خلال الجهة المعنية وهي "الهيئة أو الرابطة" فهناك على سبيل المثال مؤتمر الأدباء العرب الذي يجري فيه انتخاب الهيئة العليا أو مجلس الإدارة فيتم انتخاب تلك الهيئة من الأسماء المرشحة من الجهات المعنية في الدول العربية.
وكما قال أمين عام اتحاد الكتاب العرب الدكتور علي عقلة عرسان بما معناه.. إن غياب الأدباء السعوديين عن مؤتمرات ونشاطات اتحاد الكتاب العرب شكل عائقاً دائماً خلال السنوات الماضية، وإنه من الواجب أن يكون هناك تجمع للأدباء السعوديين بغض النظر عن التسمية، المهم أن يكون إطاراً تنظيمياً يضم الأدباء ويحدد المسؤولين الذين يأتون بالانتخابات كممثلين عن الأدباء والكتاب السعوديين.
صندوق الأدباء
أما الأستاذ/ الذكير فقد تناول في رأيه نقاطاً عدة.
تناقلت وكالات الأنباء قبل بضعة أيام خبراً مفاده ان مكتبات العاصمة الاسكتلندية "أدنبره" قد فتحت أبوابها عند منتصف الليل، مثلما فتحت أبواب مئات المكتبات أبوابها على مدارالساعة في مختلف مدن بريطانيا، كما تلقت دار النشر الامريكية الشهيرة "أمازون" مليون وثلاثمائة الف طلب شراءعبر شبكة الإنترنيت، حالما أعلن عن موعد نشر الجزء الخامس من رواية خيالية عن مغامرات الصبي الموهوب "هاري بوتر" "Harry Potter" وصديقه "رون وهوميرون".
ويتوقع ان يبلغ دخل كاتبته "جي كي رولنج" "J.K. Rowling" ثلاثين مليون جنيه استرليني "ما يزيد عن مائتي مليون ريال" عن ذلك الجزء من الرواية المسلسلة فقط!.
أما في عالمنا العربي، فما من كاتب أو أديب يستطيع الاعتماد على دخل رواياته او مؤلفاته كمصدر رزق وحيد في حياته، فمن الحقائق المعروفة ان أكثر الكتب مبيعاً في مجمل الاثنين والعشرين بلداً عربياً لا يتعدى الخمسة آلاف نسخة، بل ان الناشئين من الكتاب يدفعون لدور النشر مبالغ قد تصل الى خمسة الاف دولار لنشر رواية أو مؤلف لا يزيد ما يطبع منها عن ألف نسخة!.. ومن المعروف ايضا انه لو لا تكفل النوادي الأدبية بنشر وطبع الكثير من الأعمال الأدبية، لربما ما رأت تلك الابداعات النور، ولا أذيع سرا ان قلت انه بلا قيام وزارة الإعلام بشراء بضع مئات من تلك المؤلفات لربما ما حصل مؤلفوها على ريال واحد مقابل ما تكبدوه من جهد وفكر!.. فشتان ما بين حال احفاد ديكنز وشكسبير وما ال اليه حال أحفاد طرفة والمتنبي والاصمعي!!.. لعل في تلك المقارنة العابرة، ما يكفي لإبراز مدى ضرورة وأهمية تأسيس صندوق للأدباء في المملكة، لا لرعاية الأدباء من تقلبات الزمان في مواجهة ما قد يتعرض له الكثير منهم من مرض او عجز لا سمح الله فحسب، بل وفي تحمل تكاليف نشر مؤلفات الناشئة منهم على وجه الخصوص، بتقديم القروض الحسنة.. فمهما بذلت النوادي الأدبية من جهد مشكور، إلا ان هناك ضوابط وحساسيات لا تخفى علي أحد، تحد بل وتشكل عوامل ضغط، قد تصل احيانا الى حد الخنق للعديد من الإبداعات، مما جعل من المملكة العربية السعودية، ربما اكثر البلدان التي تطبع وتنشر اشهر إبداعات ادبائها ومفكريها في الخارج! فإذا ما اضيف ان صناديق النقابات والجمعيات المهنية في كثير من الدول العربية، لا يقتصر نشاطها على تمويل نشر او تكفل بعلاج فقط، ولا بتقديم رواتب تقاعدية للمسنين من أعضائها فحسب، بل وبقيام تلك الصناديق بشراء مساحات شاسعة من الاراضي وتقسيمها الى قطع صغيرة مناسبة وبيعها لمن يرغب من أعضائها بأسعار مناسبة، وفرت عليهم مبالغ طائلة مما كان يجنيه جشع ومضاربات تجار الأراضي والعقارات من أرباح، وخير دليل على ذلك هو تسمية أحياء شهيرة في العديد من العواصم العربية بأسماء من مثل "مدينة المهندسين" او حي الأطباء او الصحفيين.. إذا ما أضيف مثل ذلك النشاط لزادت الحاجة لإنشاء صندوق للأدباء، قد يكون مثالاً وقدوة لجمعيات مهن أخرى!..
فإن سأل سائل.. ولكن كيف يتم تمويل ذلك الصندوق في حين ان بعض الأدباء لا يستطيعون حتى تمويل نفقات طبع ونشر كتاب واحد؟! فالجواب يكمن في ان الاشتراك في ذلك الصندوق لا يتعدى مبلغاً سنوياً زهيداً، بل ويمكن تمويل الصندوق، عن طريق فرض رسم لايزيد على خمسة بالمائة من سعر كل كتاب او مطبوعة تباع في المملكة تخصص لدعم ذلك الصندوق.. فتلك ليست بالنسبة العالية في ظل حقيقة ان الكثير من المكتبات تقدم خصماً يصل الى عشرة بالمائة لزبائنها الدائمين او المشترين لما يزيد عن مبلغ محدد، كما يمكن فرض نفس النسبة على مبيعات معارض الكتب المقامة سنوياً في العديد من مدن المملكة وخاصة ان العديد من دور النشر العربية والاجنية تحقق مبيعات هائلة من خلال تلك المعارض، بل وبعضها يبيع بأسعار تزيد عن أسعار تلك الكتب في بلدانها، وما على المتشككين سوى مقارنة الأسعار المطبوعة على العديد مما يباع من دوريات وشهريات بأسعارها في بلدانها!!
مصدر آخر قد لا يقل أهمية وجدوى يكمن في رفض رسم على كل ما ينشر من مقالات وقصص وأدبيات في الصحافة المحلية، فلا يخفى ان ما تحققه بعض المؤسسات الصحفية قد يصل الى عشرات الملايين سنوياً، لا يستفيد منها سوى قلة من المؤسسين وربما رؤساء التحرير وليس في ذلك عيب او انتقاد ولكن من حق المفكرين والأدباء الحصول ولو على نسبة ضئيلة لدعم صندوق يقيهم غوائل الزمان ولا نقول الحاجة والحرمان، وخاصة وان تلك الصحف ما كانت لتحقق تلك الارباح من المبيعات والإعلانات، إلا بمساهمات اولئك الأدباء والمفكرين..!
***
فائدة إنشاء صندوق للأدباء لا يقتصر على الأدباء فحسب، بل وقد يشمل فائدة للدولة ذاتها، حين يرفع عن كاهلها نفقات علاج باهظة او رواتب تقاعدية، ففي حين لم تبخل الدولة بتلك النفقات على العديد من المثقفين والأدباء والمفكرين أيام الطفرة او الوفرة، فقد آن الآوان لتحجيم المصاريف في زمان تعاني منه الدولة من عجز متراكم في الميزانيات السنوية، وخاصة إذا ما عممت تجربة إنشاء الصناديق على مهن أخرى لتشمل حتى من يعمل في دوائر الدولة من مهندسين وأطباء وقضاة ومحامين ومحاسبين وإداريين، ناهيك عن امكانية ان تشكل تلك الصناديق نواة لتأسيس جمعيات ونقابات طال انتظار العديد من المثقفين لتأسيسها لما تقوم به من دور حيوي في إقامة مجتمع مدني ناضج، يوازي ما تتمتع به مجتمعات عربية أخرى، لا يختلف العديد من المجاورة منها في خصوصيات وأخلاقيات مجتمعاتهم عن مجتمعنا السعودي!!
فإذا ما أضيف ما قد تستطيع تلك الجمعيات والنقابات المهنية القيام به من إقامة نوادٍ اجتماعية وثقافية تساهم مساهمة فاعلة في تجنيب الشباب والمراهقين من ابناء اولئك المهنيين إغراءات دعوات متطرفة عانى منها مجتمعنا مثلما عانت منها مجتمعات أخرى، او ما تعاني منه مجتمعات غربية من انحلال وتفسخ اخلاقي ما بين الشباب او إدمان على مخدرات، لبرزت الحاجة الماسة لإنشاء صناديق تكون بمثابة نواة لتأسيس تلك الجمعيات، لربما كان رائدها إنشاء صندوق للأدباء!
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|