وميض أسماء ستينية عبد الرحمن السليمان
|
في متابعة سابقة كنت أشرت إلى أن توثيق البدايات التشكيلية المحلية ينتابها بعض القصور، لم أكن أريد إقحام أو خلط أوراق الفن التشكيلي بالتربية الفنية وإن كانت المنطلقات التشكيلية المحلية ذات أصل تربوي فني وهو شكل طبيعي في أية حركة ناشئة، لكني في الواقع أردت ملامسة بعض المبادرات الفنية الفردية التي يمكن أن ترسم بعض الخطوط العريضة والملامح عن البدايات.
تتسابق قلة من الفنانين التشكيليين على دخول المعترك التشكيلي والإسهام فيه بالمشاركات والعروض الجماعية أو الفردية حدد البعض منا بدايات الحركة بالعروض الفردية (الشخصية) لكننا في الواقع لم نكمل توثيق بدايات حركتنا التشكيلية حتى الآن، ومن ذلك اننا قد نكتشف في بعض الأحيان أسماء منسية أو متجاهلة (بضم الميم وفتح الهاء) أو أن تكون هذه الأسماء غائبة بفعل الابتعاد التام عن الحركة التشكيلية وفعالياتها وربما لأسباب أخرى.
أعتقد أن مهنة التدريس أفرزت بعض المواهب الدفينة لدى بعض المعلمين السعوديين الذين كلفوا بتدريس التربية الفنية منذ البدء في تعليمها في المدارس السعودية أواخر السبعينيات الهجرية وقبل أن يؤسس معهد التربية الفنية في العقد التالي، هو ما لمسته من بعض الفنانين الذين عايشوا تلك الفترة وربما قام بعضهم بالتدريس. التقيت قبل أكثر من عامين بأحد معلمي التربية الفنية خلال الستينيات، وكان معلما لها في بعض مدارس القطيف وهو (حسن أحمد السنان) زرته في محل بسيط أسسه للخط وفي المكان نفسه كان يعرض بعض الأعمال الفنية التي رسمها عن مدينته وأحيائها وبعض مظاهرها الشعبية، وهي من الرسومات الجديدة التي يعرضها للبيع. الرسم كان بسيطاً وعفوياً كما يرسم أي شخص باجتهاده الشخصي ووفق الإمكانات المتاحة والتي تعلمها هذا الشخص قادني إلى شخص آخر من نفس العائلة هو (عبدالعلي محمد السنان) الذي زرته وقتها في مزرعة بسيطة كان يقضي فيها معظم وقته، هذا الأخير وصل به العمر إلى الثمانين ويحتفظ ببعض الرسومات التي نفذها على الأوراق، كانت مكدسة في كراتين معرضة للغبرة والرطوبة، معظم هذه الأعمال منسوخة بآلة التصوير (فوتو كوبي) وكان يقوم بتكرار تلوينها. رسومات ينقل بعضها من مجلات أو من صور تمثل الهودج وقوافل الجمال والفتيات، وكان يحيل بعض لقطاته إلى معان ويذيلها بأبيات من الشعر أو القول الذي يوضح المعنى، قال لي: إنه خط بعض الأقواس التي كان يقيمها الأهالي ترحيباً بزيارة ملكية كريمة، كما كان يرسم أيضاً على بعض الجدران وهو ما شاهدته في مجلس بسيط في مزرعته، وذكر لي انه يعرف بعض الفنانين في القطيف بل إنه تعجبه رسومات بعضهم من الواقعيين الذين رسموا مشاهد مندثرة عن المدينة.
في الرياض التقيت قبل أسابيع واحدا من أولئك القلة الذين كانت لهم المحاولة في الرسم بل وحضور دورات في التربية الفنية هو إبراهيم الصقيران، وكان كما قال يقوم بتعليم التربية الفنية خلال الستينيات، وقبل الانتقال إلى دائرة أخرى بعيدة عن التعليم، لقد سبق أن أشار الزميل الفنان محمد المنيف في هذه الصحيفة عن اكتشافه هذه الشخصية التي لامست شيئا من نتاج مرحلة، درس مع الفنان الراحل محمد السليم في دورة فنية في الطائف عام 1385 وشاركه رسم لوحة كبيرة كان يحتفظ بصورة لها ويظهر والسليم في طرفي اللوحة.
الوقاع أن تلك اللوحة كانت شاهداً على شكل مرحلة، أو شاهدا على فترة محددة كان الرسم فيها بسيطاً وعفوياً والمعرفة التي كان يرغب هؤلاء بالاستزادة منها كانت مختلفة بين من تطور ليكون أحد أقطاب الحركة التشكيلية المحلية، وبين من ركنوا إلى الوظيفة وإشباع رغبتهم الفنية بممارسة مدرسية بسيطة، كما كان إبراهيم الصقيران الذي أشار إلى أن لوحاته تتوزع بين المدارس التي قام بالتعليم فيها عدا لوحة واحدة يحتفظ بها حتى الآن.
aalsoliman@hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|