كل جنادرية وأنتم بخير
د. صالح زياد
|
أعتقد أن تقلص الحضور الجماهيري والنخبوي لمهرجان الجنادرية قياساً على سنواته الأولى يعود إلى سببين: الأول، يمكن إحالته إلى جديد السياق التاريخي خارج فعاليات المهرجان، فقد تفتح وعي الناس في السنوات الأخيرة على الفضائيات والانترنت من جهة، وفيهما من دواعي الجذب خصوصاً المواجهات بين الأقطاب المختلفة أو السخونة التي توفرها الآنية أو التسلية والامتاع، ومن جهة أخرى طبيعة الأحداث الدراماتيكية والتغيرات السياسية التي تفتح أفق المتابعة والانتظار القلق لمجهول ما.. بالإضافة إلى النشاط السياحي وفعل امتصاصه لكثير من الاحتشاد الذي كان للجنادرية نصيب من استنفاده، وتكاثر المهرجانات والمناشط الترفيهية والثقافية.
أما السبب الثاني، فيعود إلى مهرجان الجنادرية نفسه، فقد هيمنت عليه النمطية والتكرار، ولم يعد يمتلك من التغيير والمفاجأة والإدهاش ما كان يملكه في سنواته الأولى. بالإضافة إلى إيثاره على مستوى النشاط الثقافي الهدوء والبعد عن بؤر الجدل والاختلاف، وما يحدث باستمرار لفعالياته الثقافية من تشتيت وبعثرة شكلاً ومضموناً، فهذه أمسية شعرية وتلك محاضرة وهذه ندوة.. الخ. والموضوعات غالباً متنوعة وبعيدة عن التركيز والعمق. ولا ينفصل ذلك عن احساس ينبغي ألا نتردد في مناقشته، وهو تصور بعض المثقفين أن ثقافة المهرجان ذات بعد ايديلوجي موجه، وأن هناك رؤية واحدة مفروضة، وليس تنوع واختلاف المدعوين، إن وجد، إلا قناعاً وتمويهاً يخفي ابتزاز بصمة الموافقة وتسجيل الحضور والشهادة.
لذلك أعتقد أن على المسؤولين عن المهرجان، وخصوصاً نشاطه الثقافي، أن يتيحوا الفرصة للنقاش بصراحة ودون مواربة، وأن يجري بشكل عاجل الاهتمام بما يلي:
1 تعيين موضوع واحد للنشاط الثقافي، في شكل مؤتمر فكري تعد له الأبحاث المتخصصة والمدعومة، بالإعلان والاستكتاب، وتهيأ فرصة مناقشتها والجدل حولها من المدعوين بارسالها إليهم مسبقاً، ثم تطبع وتصدر في كتاب مضافاً إليها المناقشات والتوصيات.
2 التركيز على الجانب الحواري، وأقترح، هنا أن تنضم سنوياً مناظرة بين قطبين من أقطاب الفكر أو السياسة أو الفن، ويطلق عليها اسم (مناظرة/ مناظرات الجنادرية) ويعمل على تسجيلها واذاعتها، أو النظر إن أمكن في بثها حية على الهواء مباشرة.
3 بحث مسألة المظلة الرسمية الحكومية للمهرجان، وذلك أن وجود مسافة بين النشاط الثقافي والحواري للمهرجان والجهات الرسمية، سيكفل للمهرجان حيوية أكبر، وسيخدم الموقف الرسمي ويزيد وجاهته.
4 احداث جوائز للفكر والثقافة تحمل بعدين: أحدهما محلي، والآخر عربي وعالمي، ومن المناسب الربط السنوي بين الجوائز وموضوع نشاط المهرجان الذي سبق الحديث عنه في الفقرة ذات الرقم واحد. وعلينا أن نتذكر هنا بعض أحاديث وتعليقات ضاحكة عن عدم وجود جوائز للمفكرين والمبدعين وبروز ما يشبه نعي المثقفين بالقول: (لقد أكلتها عليكم الإبل!!).
zayyad62@hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
