المؤلف: مجموعة باحثين
الناشر: مؤسسة مؤمنون بلا حدود: الرباط؛ 2015
«ترجع العلاقة بين الدين والتدين في أصولها النظرية إلى الثنائية الكلاسيكية بين الثابت والمتغير، الفكر والممارسة، المثال والواقع، الجاهز والمعيش، النهائي واللانهائي. يفترض الانطلاق من هذه العلاقة أنها معطى بديهي يعيه العقل الإِنساني في تعاطيه مع الدين من حيث التمثل والممارسة والتجربة، كما يتعاطى مع باقي نشاطاته الوجودية الأخرى. غير أن الواقع التاريخي والمعاصر، يؤكد أن المؤمن فردا وجماعة وخطابا، يعيش حالة إنكار ويطابق دوما بين الدين والتدين، ولم يشذ عن ذلك دين من الأديان أو فرقة من الفرق أو مذهب من المذاهب. لقد ألِف العقل الديني هذه المطابقة الضامنة وحدها لمصداقية اعتقاده واطمئنانه الوجودي وحظوته الاجتماعية. ومرد ذلك في التحليل الأخير، بالنسبة للمؤمن، أن الحقيقة واحدة ووحيدة، لا تقبل أن تتوزع على طرفين أو تكون في موضعين».
لم تنتبه حركات الإصلاح الإسلامي لأهمية التمييز بين الدين والتدين كمهمة ذات أولوية في بناء فكرة الإصلاح إزاء الواقع القائم، بل كرّست دعواتها ومشروعية خطابها دوماً، باعتبارها الأكثر تطابقاً مع الدين، مما أدَّى إلى إعادة إنتاج نفس المسلكيات الفكرية في مقاربة الإصلاح دون مساءلة المنطلقات الفكرية المؤسِسة، وعلى رأسها دعوى مطابقة التدين للدين كحالة تترتب عليها نتائج عملية تتمثل في بناء الأنساق الشمولية».
في هذا الكتاب وجهات نظر مختلفة ومتنوعة، تتوزع بين التناول النظري الابستيمولوجي في قسم أول، ومطارحات في الفكر الإسلامي المعاصر في قسم ثانٍ، ثم نماذج لمقاربة التدين في الاجتماع المغاربي في القسم الأخير. ويبقى الرابط الأساسي بين هذه الأقسام؛ المساءلة العلمية للسؤال الديني في حركة التاريخ المحلي أو الشامل، كل من زاوية فهمه الخاص.