ونظراً للتفجُّر المعرفي وتلاحق التطوُّرات العلمية في عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصال الراهن، فقد تكاثرت التصنيفات ذات الأغراض العامة والخاصة.
وبوصفه واحداً من علماء الكتب والمكتبات المتمرِّسين، ابتكر الضبيب تصنيفاً عشرياً خاصاً بمطبوعات التراث، يسهّل على القارئ الوصول إلى ما يبحث عنه. فقد صنّف موضوعات التراث إلى عشرة أبواب وكل باب قد يتفرع إلى فصلين أو أكثر، وذلك على الوجه التالي:
(1) كتب علوم القرآن
1 كتب القرآن والتجويد ورسما المصاحف
2 كتب التفسير
3 كتب غريب القرآن وإعرابه
4 كتب الناسخ والمنسوخ
5 علوم أخرى (مثل أسباب النزول، وفضائل القرآن، وأخلاق حملته وغيرها)
(2) كتب علوم الحديث النبوي الشريف
1 كتب السنة النبوية
2 كتب مصطلح الحديث
3 كتب رجال الحديث
(3) كتب العقيدة
(4) كتب الفقه وأصوله
1 كتب الفقه
2كتب أصول الفقه والقواعد الفقهية
(5) كتب اللغة والنحو والعروض
1 كتب اللغة والنحو
2 كتب العروض والقوافي
(6) كتب الأدب
1 الدواوين الشعرية والنصوص النثرية والشروح
2 دواوين القبائل والأُسر والموضوعات ونحوها
3 المستدركات على الدواوين
(7) كتب البلاغة والنقد الأدبي
(8) كتب التاريخ والسير والتراجم
1 كتب التاريخ
2 كتب السير والطبقات والتراجم
(9) كتب الجغرافية والرحلات
(10) علوم متفرقة ( مثل: الخيل، والحرب، وكيمياء الأطعمة، والطب، والشطرنج، وعلم التعمية، إلخ.)
4.1.2- كتب التراث
والعلوم البحتة والتطبيقية:
إن اقتصار أبواب معجم الضبيب على نطاق العلوم الإنسانية، أو بالأحرى تركيزه عليها، قد يعطي الانطباع الخاطئ بأن التراث العربي لم يتطرَّق إلى العلوم البحتة والعلوم التطبيقية كالطب والهندسة والزراعة. وهذا ليس صحيحاً، وهو أمر يحتاج إلى شيء من الإيضاح، نجمله في نقطتيْن:
الأولى، إن حركة إحياء التراث العربي التي نشطت في القرن الثالث عشر الهجري - التاسع عشر الميلادي، جاءت، في الأساس، بوصفها وسيلة من وسائل حركة النهضة العربية آنذاك، الهادفة إلى تحرُّر البلدان العربية من هيمنة الإمبراطورية العثمانية، واستقلالها، وتوحُّدها في أُمّةٍ عربية واحدة. ويسمّي المؤرِّخون ذلك القرن بقرن الحركات القومية في العالم، وقد توحَّدت خلاله الدويلات الألمانية وتوحَّدت الدويلات الإيطالية كذلك. ولكي يثبت روّاد النهضة العربية أن العرب أمةٌ ذات كيانٍ مختلف، لها لغتها المشتركة الخاصة بها، ولها تراثها المشترك العريق، ولها دينها الحنيف، ولها تاريخها المشترك، ولها جغرافيتها المحدَّدة، ولها تقاليدها وعاداتها وأزياؤها المتميزة عن غيرها من الأمم، لجأوا إلى استخدام تحقيق التراث ونشره لبثِّ الوعي بهُويةٍ قومية واحدة لدى أبناء الشعوب العربية. وهذا ما فعله المفكرون الألمان والإيطاليون قبلهم لتحقيق وحدتهم. ولهذا فإن المفكرين العرب في القرن التاسع عشر الميلادي والنصف الأول من القرن العشرين، ركّزوا على تحقيق ونشر كتب اللغة العربية والدراسات الإسلامية والتاريخية والجغرافية، بوصفها من مقوِّمات الهُوية القومية الواحدة، وقلّما سعوا إلى تحقيق الكتب التراثية العلمية البحتة أو التطبيقية، فالعلم لا وطن له كما يرى بعضهم، وللأسباب التي نذكرها في النقطة الثانية.
الثانية، حقَّقت الحضارة العربية الإسلامية، في عصور ازدهارها تقدُّماً هائلاً في العلوم البحتة والتطبيقية، ولكن الحركة العلمية في أوربا تجاوزتها خلال عصر الركود العربي والعصر الحديث. ولهذا لم تبقَ للكتب التراثية العلمية أهمية تذكر إلا في ناحيتيْن: الأولى تدوين تاريخ العلم؛ والثانية، المنهجية العلمية والمبادئ التجريبية التي اعتمدتها، والتي تبناها البحث العلمي في أوربا وطورها. ولهذا كلِّه فقد ركزت حركة إحياء التراث العربي على تحقيق ونشر الكتب الإنسانية وليس العلمية. وهذا ما عكسته مطبوعات التراث في المملكة العربية السعودية.
ونتيجة لذلك، فإن تصنيف الضبيب العشري للكتب التراثية لم يخصِّص سوى بابٍ واحد للكتب العلمية وما شابهها.
4.2- الفهرسة:
تُعرَّف الفهرسة بأنها عمليةُ الوصفِ التقني للكتب وغيرها من المواد الحاملة للمعلومات، لتيسير وصول القارئ إليها في أقصر طريق وأسرع وقت ممكن.
وثمة أنواع عديدة للفهرسة، أهمُّها ثلاثة:
أ) فهرس أسماء المؤلِّفين: وترتَّب الكتب فيه ألفبائياً ( وليس أبجدياً) بحسب أسماء مؤلفيها ( أو محرريها وجامعيها).
ب) فهرس عناوين الكتب: وتُرتَّب الكتب فيه ألفبائياَ بحسب عناوينها.
ت) فهرس الموضوعات: وتُرتب الكتب فيه ألفبائياً بحسب موضوعاتها.
ففي الطريقة أ ، مثلاً، توصَف الكتب عادة بذكر العناصر التالية:
- اسم المؤلف ، عنوان الكتاب، اسم المترجم أو المحقق (إن وجد) ، الطبعة، مكان النشر، الناشر، تاريخ النشر.
بيدَ أن الضبيب زاوج بين التصنيف والفهرسة لتجمع فهرسته بين أنواع الفهارس الثلاثة المذكورة في أعلاه، ولم يكتفِ بالعناصر التي ذكرنا، وإنما أضاف إليها بما يكفل وصفاً أقرب إلى الكمال، لتزويد الباحث بأدق وأكمل المعلومات الممكنة عن المطبوع، فجاءت فهرسته، في داخل كل موضوع من موضوعات التراث، مشتملةً على العناصر التالية:
- اسم المؤلف، اعتماداً على اسم شهرته أو نسبته، مع ذكر ألقابه وكنيته. وفي حالة تساوي الشهرة والنسبة، يختار الضبيب أحدهما ويضع إحالة إلى الاسم المستعمَل في مكان الاسم المتروك. ( وهنا قد يتساءل القارئ الكريم عن فائدة ذكر ألقاب المؤلف وكنيته، فأقول إن بعض المؤلفين التراثيين قد تتطابق أسماؤهم ولا نفرق بينهم إلا باللقب أو الكنية).
- سنة وفاة المؤلف بالتاريخ الهجري.
- معلومات نشر المطبوع: عنوان الكتاب، اسم المحقق أو المشرف على الطبع، الطبعة، مكان الطبع، الناشر أو المطبعة، تاريخ النشر الهجري والميلادي إن وجدا، عدد الصفحات أو الأجزاء.
- النسخ الخطية أو المطبوعة المعتمَدة في النشر. وبالنسبة للنسخ الخطية يورد الضبيب المعلومات التالية إن وجدت: مكان وجود النسخة، ورقمها، تاريخ نسخها، اسم ناسخ المخطوطة.
- سوابق الكتاب المحقَّق، مثل التصدير والتقديم والاستهلال ومقدِّمة المحقق وترجمة المؤلِّف .
- لواحق الكتاب المحقَّق، مثل الملاحق والجداول والصور والفهارس.
ـ- الملحوظات، وهي تعليقات حسب طبيعة الكتاب، مثل: كون الكتاب رسالة علمية، أو أن المخطوطة سبق أن حُقِّقت ونُشِرت، والمراجعات حول الكتاب، إلخ.
- تصحيح بعض المعلومات المغلوطة ال تي وردت سهواً في المطبوع.
وطبعاً يتفاوت استيفاء جميع هذه العناصر أو بعضها من كتاب إلى آخر حسب المعلومات التي تتوافر في المطبوع. ولنضرب مثلاً على ذلك من المعجم في فهرسة أحد الكتب المطبوعة، وهو كتاب « التيسير في القراءات السبع» للمقرئ عثمان الداني، والمدرج في المجلَّد الأول من المعجم، في الباب الأول ( علوم القرآن الكريم)، في الفصل الأول منه ( كتب القراءات والتجويد ورسم المصاحف)، في الصفحتيْن 40 و41:
« 29 - الداني، عثمان بن سعيد الداني الأموي، القرطبي، المقرئ أبو عمرو ( ت 444ه)
التيسير في القراءات السبع، تحقيق حاتم صالح الضامن - ط 1 ـ- الرياض: مكتبة الراشد ناشرون، 1432هـ - 2011م)
517 ص.
النسخ المعتمدة:
على ست نسخ خطية ومطبوعة واحدة هي:
1- نسخة المكتبة الأزهرية، برقم ( 163 خصوصي - 16201 عمومي قراءات).
تاريخ النسخ: 962هـ .
الناسخ: لم يذكر.
2 - نسخة المكتبة الأزهرية، برقم ( 293 خصوصي - 20300 عمومي).
تاريخ النسخ: مجهول
الناسخ: لم يذكر.
3 - نسخة المكتبة الأزهرية، برقم (11 خصوصي - 845 عمومي).
تاريخ النسخ: 845 هـ.
الناسخ: لم يذكر.
4 - نسخة المكتبة الأزهرية، برقم (104 خصوصي - 7678 عمومي).
5 - نسخة مكتبة تشتستريتي، برقم (3925)، لها مصورة في مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث ( لم يذكر رقمها فيه).
تاريخ النسخ : 594هـ .
الناسخ: لم يذكر.
6- نسخة المكتبة السليمانية بإستانبول، برقم (5317).
تاريخ النسخ: لم يذكر.
الناسخ: لم يذكر.
7 - مطبوعة حيدر آباد بالهند 1316 هـ .
السوابق:
المقدمة والدراسة: ص ص 5 - 79.
اللواحق:
ثبت المصادر، وفهارس تشمل:
الأعلام، القبائل والجماعات، البلدان، الكتب، الشعر، المصطلحات، الموضوعات.»
5- الكشّافات:
وإمعاناً في تيسير وصول الباحث إلى المعلومات التي يتوخاها، ختم الضبيب معجمه بخمسة كشافات، استغرقت المجلد الثامن الذي يقع في 379 صفحة. وهذه الكشافات هي:
- كشّاف المؤلِّفين.
- كشّاف المؤلَّفات.
- كشّاف النُّسَّاخ.
- كشّاف المحقِّقين ومَن في حكمهم.
- كشّاف المجلات العلمية.
ومَن كابد مهمة إعداد كشّاف واحد لكتاب صغير يعلم مشقّة عمل الكشافات في هذا المعجم الكبير، إلا إذا كانت طباعة الكتاب قد خضعت مسبقاً لبرنامج حاسوبي معين، فإن الكشافات تُنتَج بصورةٍ آلية، و مع ذلك فلا بدّ من المراجعة والتدقيق.
6- الخلاصة:
وخلاصة القول إن كتاب « معجم مطبوعات الترا ث في المملكة العربية السعودية» للدكتور أحمد بن محمد الضبيب يسدُّ ثغرةً في مكتبتنا العربية، ويساعد الباحثين في قضايا التراث، من خلال إمدادهم بمعلومات دقيقة عن مئات المخطوطات العربية التي طُبعت في المملكة منذ دخول الطباعة إلى مدنها العريقة حتى يومنا هذا. وقد تسنّى للدكتور الضبيب أن يبتكر فهرسةً ناجعة بفضل ما تجمَّع له من معرفةٍ عريضة، وممارسةٍ مكتبية عميقة، وخبرةٍ طويلة في التحقيق والتأليف، وشغفٍ وهيامٍ بالعلم خاصة ما يتعلَّق منه بتراثنا العربي الإسلامي. وتستحق جامعة الملك سعود بالرياض التنويه والتقدير على إخراجها هذا المعجم المكوَّن من ثمانية مجلَّدات بحلَّة بهية تليق أن توشح رفوف مكتباتنا الجامعية والعامة، بوصفها أداةً رئيسة من أدوات البحث العلمي.
د. علي القاسمي - الرباط
alkasimi@gmail.com