«فتحوا خزائني بحثًا عن جثث، حمدًا لله! لم يعثروا إلا على الأحذية..»
إميلدا ماركوس
منحتِ الساحرة الطيبة دوروثي حذاءً أحمر (في فيلم ساحر أوز)، سيمكِّنها من العودة إلى المنزلِ، لكنها في الوقت نفسه لم تعطها الخطوات التي ستتبعها ليعيدها الحذاء، وبدلًا من ذلك منحتها طريقًا أصفر تسير عليه؛ لتكتشف الحياة بنفسها، وتشكّل خبراتها؛ لتعرف ذاتها أكثر؛ فصار الحذاء بطلًا بطريقة ما؛ غيَّر حياة دوروثي إلى الأبد؛ فمنحها خبرة وأصدقاء وشجاعة وتقديرًا للمنزل الذي غادرته، كما سبق له أن فعل مع سندريلا التي حصلت على الحب والثروة والسلطة مجتمعةً، ومع كارين حين وهبها للموتِ، أو حتى مع زهراء وأخيها علي في الفيلم الإيراني أطفال السماء (فيلم إيراني من إخراج مجيد مجيدي عام 1997رشح للأوسكار عام 1998)؛ إذ يحضر الحذاء في كل هذه الحكايات مثل بطلٍ لا يخون، إذا استثنينا كارين طبعًا!
تقول لك مارلين مونرو: امنح الفتاة الحذاء المناسب وستهزم العالم! والغريب أن الأحذية تظل مرتبطة بالنساء؛ فلا أذكر أنني قرأت عن رجل مهووس بالأحذية أو حتى يتحدث عنها بشغف، سوى ذلك اللص الأسترالي الذي عُثر في منزله على أكثر من ألف زوج (ثلث ما ملكته إميلدا ماركوس يومًا!) سعيدًا بمشاركتها له كل أنحاء المنزل! كل بطلات الحكايات اللاتي ذُكرن آنفًا تغيَّرت حياتهن بسبب حذاء، لكننا لا نجد رجلًا يتغير مصيره بذلك. حسنٌ، الأمر مختلف جدًا مع حنين الذي صار خفاه رمزًا للفشل، ومع الطنبوري الذي أصبح حذاؤه شؤمًا عليه، ومختلف جدًا جدًا مع منتظر الزيدي، أليس كذلك؟
قد يكون الحذاء الوحيد الذي يهم الرجال - اللاعبين تحديدًا - هو الحذاء الذهبي اعترافًا بمواهب اللاعب، وتثمينًا لقدمه القادرة (أكثر من غيرها) على هز الشباك - والعالم - وإن إلى أجل مسمى. كما أن عمر أميرلاي المخرج السوري اختار عام 2000 «الرجل ذو الحذاء الذهبي» ليكون عنوانًا لفيلمه الوثائقي عن رفيق الحريري. وفيما يبدو من العنوان هنا أن حذاء الحريري مثل حذاء السندريلا، حذاء سلطة وثروة!
ليس للسؤال أي بُعد «نسوي»، ولكن لماذا كانت الشخصيات الرئيسة في كل حكايات «الحذاء» فتيات؟ ولماذا كانت كل الأحذية جميلة وأنيقة وبكعب عالٍ؟!! ألا يمكن تغيير الواقع/ العالم بحذاء بسيط بكعب مستوٍ؟
أظنني أثبت ما أحاول نفيه حين أكتب للمرة الثانية عن الحذاء، أليس كذلك؟
- بثينة الإبراهيم