المؤلف : مصطفى الحداد
الناشر : دار الرحاب الحديثة؛ بيروت؛ 2014
من مقدمة المؤلف :
« تحيل الإشكالات التي يعالجها هذا الكتاب على المجالات التالية : علم النفس المعرفي (Cognitive psychology) واللسانيات والفلسفة. والنواة المركزية التي تحوم حولها هذه الإشكالات كلها يلخصها سؤال هام هو : ما طبيعة الفكر؟. و في صيغة أفضل : ما طبيعة الفكر «اليوم»؟. سنعالج سؤال الفكر والإشكالات المتصلة به من منظور ما أطلق عليه بوتنم (1881) لقب «النزعة الذهنية لمعهد المساشوسيتس (MIT)» المتصلة بأعمال كل من نعوم تشومسكي وجرّي فودور ومن سار على نهجهما. تصدر هذه النزعة عن تصور عقلاني يقضي بأن الإنسان يولد مزوداً بجهاز فطري مخصص تخصيصاً عالياً يمكنــه من اكتساب المعارف. وترى أن المحيط لا يلعب إلا دوراً هامشياً في هذا المسلسل الاكتسابي. وتؤمن بإمكان تخصيص «محتويات» هذا الجهاز الفطري تخصيصاً علمياً على النحو الذي تخصص به الفيزياء (بالمعنى العام) موضوعاتها.
إن هذه النزعة، باختصار، تمزج افتراضاً ميتافيزيقياً تبلور في سياق عقلاني بنزعة وضعية ترعرعت في سياق تجريبي. لكنها تخرج من هذا المزج بنسق جديد لا يفصل بي الفكر والمادة».
خصص المؤلف الفصلين؛ الأول والثاني لمعالجة الإشكال الذي ينشأ عن هذا المزج. وحدد في الفصل الأول موقف المعهد من النزعة الفيزيائية كما تبلورت في السياق التجريبي (فتجنشتاين في مرحلته الأولى، كارنب، أوبنهايم). ودرس في الفصل الثاني بعض الحجج التي يقدمها المعهد، وخصوصاً الحجة الحاسوبية، على استقلال على النفس، دون الإذعان لفصل الفكر عن المادة.
أما الفصل الثالث فخصصه لدور الحجة الحاسوبية في دعم الموقف الفطري وانعكاسات هذا الموقف على مسألة التعليم بصفة عامة. وأفرد حيزاً خاصاً لأطروحة «لغة الفكر» الفطرية التي دافع عنها فودور بوصفها لغة التمثيل الداخلي التي تُعرف ولا تُعلّم ولا تُتَعلَّم.
أما الفصل الرابع فكان عن «أعداء» التصور الذي يصدر عنه «المعهد» : العدو الأول هو فتجنشتاين، في المرحلة الأخيرة من أعماله.
والعدو الثاني هو الفيلسوف ج. سورل (J.R.Searle).
أما العدو الثالث والأخير فهو : هـ. بوتنم (H. Putnam) «ويمكن القول عنه؛ إنه عدو نفسه أولاً قبل أن يكون عدواً للنزعة الذهنية».