** من حكم الشعر العربي الذي لا يدخل النثر المشعور في إطاره، قول أحد الشعراء «والسهم لولا فراق القوس لم يصب» وهذا هو منطلق المغامرات الفضائية منذ أن أطلقت أول رحلة فضائية في خمسينيات القرن الميلادي الماضي، وكأن الناس قد ضاقوا ذرعا بما يدور حولهم من احباطات لا حصر لها حتى تحولت الكرة الأرضية إلى كوكب موبوء بالقتل والتدمير عندما بالغوا ضد بعضهم بفعل الحقد والضغينة من جانب، وبفعل المصالح المتضاربة من ناحية أخرى وأصبح دستور الغاب هو الحاكم بأمره بين البشر، وهاهي الحياة تمتد بنا إلى وقت بدأ فيه التفكير الجدي في مغادرة الأرض إلى المريخ بدون عودة على أمل التأسيس لحضارة من نوع مختلف عما هي عليه الحال بزعمهم، فالأرض في نظرهم كوكب أنهكته الصراعات والعداوات حتى ليظن أن عقول البشر قد وضعت في «فريزر» شديد البرودة حتى صارت معطلة، ومع أن الفكرة لا تزال خيالية، وأن الاستثمار المالي يدخل في نسيجها حد أن المتحمسين لها والراغبين في الانضمام إليها من بسطاء الناس سيكون الواحد منهم أشبه بـ«الثور في الطاحونة»، إلا أن الكثير من المغامرات العلمية التي أصبحت حقائق ماثلة للعيان كانت خيلا في خيال، ثم تحولت وبرزت إلى حيز الوجود وأصبح الناس يحسونها في الآفاق وفي الأنفس، وهنا أتذكر المثل الجنوبي القائل «من هنهن غنى.. ومن دق تحنا»!!
هنا أشير إلى أن ما يدور بخلد الفضائيين من المنظور الديني هو هرطقة إن كانت تلائم اللادينيين أو من كان تدينهم مهزوزا يستسهلون معه سب الدين، وما في حكمه من الانحراف، فإنها تظل في حكم المحرم على المسلم السوي، الذين تستهويهم من المسلمين هم في بؤرة اللوم والمؤاخذة، ولا بد من الدعوة لهم بالهداية حتى يعرف الواحد منهم حده ويقف عنده، وإلا فما معنى الرغبة في رحلة لن يكونوا معها بمنجاة من الانتحار، وذلك هو الخسران المبين، ثم كيف نصدق أن الإنسان سوف يكون طوباويا في المريخ وهو ذاته الذي ملأ الأرض جورا وظلما وبطشا وفسادا لأن كل هذه الأمراض متشكلة في نسيجه البدني والروحي ولن يكون المنضوون في الرحلة ملائكيين ليس لديهم نزوات أو ميول من نوع ما، وهذا ما لا يقبل المراء فالناس كلهم أحفاد قابيل بن آدم الذي قتل أخاه بسبب لا يوجب الخصام
-فضلا عن القتل-!!
هذا، وإن من الطبيعي أن تتفاوت نظرات الكثيرين لرحلة المريخ هذه، فهناك من يود المشاركة فيها، وهناك من ينفر منها وذلك في حدود التنظير، أما إذا جد الجد فسوف يهرب المتحمسون لها قبل غيرهم.. وعش رجبا تر عجبا!!
أحمد حامد المساعد - الباحة