في أول الخمسينات من القرن العشرين الماضي، كنا نشاهد في صالات السينما أفلام الخيال العلمي المسماة «فلاش كوردن» التي نرى فيها رحلة للفضاء الخارجي والنزول على سطح القمر. شكل المركبة الدائري وملابس رواد الفضاء وشكل سطح القمر كنا نتسلى معها ونظن أنها من نسج الخيال المحض، وإذا بعد سنوات نرى مركبات الفضاء ذات المركبات التي شاهدناها على الشاشة ونرى رواد الفضاء بنفس ملابس «فلاش كوردن»، ونرى سطح القمر حقيقة كما شاهدناه في الفيلم.
يتضح لنا بعد أن تعلمنا لعبة السينما أن تلك الأفلام كان يكتبها علماء الفضاء أو أن لهم دوراً كبيراً في صياغة السيناريو والإشراف على تلك الأفلام في تصوير الحقائق العلمية. وعندما تحققت نبوءة الفيلم على سطح القمر قرأنا أن هذه النبوءة جاءت في كتاب الطبيب اليهودي «نوستر أداموس» المحفوظ في إحدى الكنائس في فرنسا!
في أيَّامنا هذه وفي القرن الحادي والعشرين والبشرية تمشي في طريق الخراب الكامل المتمثل بدول الإرهاب وزراعة الخوف واغتصاب الصبايا أمام عالم ساكت يبدو وكأنه مشلول، عالم يسيطر عليه الجهل والتخلف وسط الحقائق العلمية التي تمشي في مسار ويمشي المتأخرون في مسار ثان، وفيما يجري الحديث عن كواكب ثانية غير الأرض، كواكب مسكونة لا نعرف عنها شيئا ولا شيء نعرفه عن سكانها، تعرض لنا السينما الأمريكية فيلما من الخيال العلمي عن تلك الكواكب فيلما يحمل عنوان (Avatar) أنتج بميزانية مقدارها مائتين وأربعين مليون دولار، وحصد شباك التذاكر حتى الآن سبعمائة وستين مليون دولار.
يلعب الدور الأول في الفيلم جندي أمريكي فقد ساقه في الحرب مع العراق يسافر معهم في المركبة المتوجهة نحو الكوكب الثاني الذي لا نعرف ساكنيه ولا نعرف شكل إيمانهم ولا نعرف الطاقة الكامنة فيهم، فتذهب قوة أمريكية لاحتلالهم وتدميرهم بما فيها جمال الحياة وأشكال الطيور والحيوانات المتآلفة في عالمهم مع الإِنسان. وهو فيلم ساحر وخارق الجمال حقا!
القوة العسكرية والعلمية التي نزلت على سطح الكوكب الثاني وجدت في ذلك الجندي الأمريكي الذي فقد ساقه في الحرب مع العراق نموذجا تدخل فيه روحه الأرضية المعذبة في شكل المخلوق «الأفتاري»، فيستطيع التحليق في عالمهم ليسبح مع الطيور الغريبة والحيوانات الخارقة القوة فيعشقهم ويحب ابنة زعيمهم، لكنهم يشكون في كينونته لأنه ليس منهم، فروحه غير متطابقة مع جسده الأفتاري.
ينتهي الفيلم بإعلان ساعة الصفر لتحطيم الكوكب الثاني، وتبدأ أعتى أنواع الأسلحة الأمريكية الفاتكة وأكثر الطيران تطوراً لتدمير ذلك الكوكب، فيما يدافع الجندي الأمريكي المبتور الساق الذي يمشي بسيقان أهل الكوكب الثاني ويركض معهم ويحلق في عالمهم، يدافع عن أهل الكوكب الثاني فيقوم بمغامرة قتل كل المعتدين وتخليص الكوكب الثاني من بطش أهل الخراب.
الذي ينظر إلى أبعاد الفيلم فإنه في الوقت الذي يدين القوة الأمريكية في تدمير الحياة مثل ما حصل في تدمير الوطن العراقي حين خسرت أمريكا إحدى ساقيها ممثلة بالجندي الأمريكي مبتور الساق منتظرة خسارة الساق الثانية، إلا أن الفيلم في جانب آخر عرض لنا بشكل مباشر شكل القوة الأمريكية الخفية التي ستظهر للعالم عند مداهمة الخطر سواء جاء من الأرض أو من الكواكب الأخرى.
فيلم AVATAR لم يحن أوانه بعد في فضاء العالم مثل فيلم فلاش كوردون! وهو الآن مجرد فيلم على الشاشة!
في أعوام التسعينات شاهدنا فيلما أمريكيا بعنوان «الرجل الذي رأى الغد» والمقصود به أيضاً الطبيب اليهودي «نوستر أداموس». الفيلم عن إحدى نبوءاته المتمثلة في أن قوة خارقة سوف تبرز في صحراء العرب، قوة فائقة القدرات ممتلكة صواريخ برؤوس نووية مستهدفة الغرب وأبناء الديانة المسيحية. ويعرض الفيلم قدرة أمريكا في مواجهة تلك القوة وتخليص الغرب من شرورها.
لقد حانت نبوءة «أداموس» أو بالأحرى نبوءة المخابرات الأمريكية بأن عهد القوة الآتية من صحراء العرب هي «داعش» السينمائية وسيصار إلى تدميرها، ولكن بعد أن تحقق أهدافها!
- هولندا
k.h.sununu@gmail.com