متلازمة باريس هو اضطراب يُصاب به اليابانيون فقط، ويُؤدّي إلى حدوث انهيار عقلي أثناء زيارتهم للعاصمة الفرنسية، فمن بين الملايين من السائحين اليابانيين الذي يزورون باريس سنوياً، يصاب بتلك المتلازمة العشرات منهم، إذ يعانون تعبا ويضطرون على أثره العودة إلى وطنهم.
المتلازمة ليست إلا تجسيد للصدمة الثقافية التي قد يصاب بها البعض، فباريس مرتبطة في عقول اليابانيين بصورة مثالية راقية طالما قاموا برسمها للمدينة منذ صغرهم نتيجة للأفلام السينمائية الكثيرة التي شاهدوا فيها جمال المدينة وحضارتها العريقة، ولكن عندما يقومون بزيارتها على أرض الواقع يتعرّضون لصدمة ثقافية نتيجة لمشاهدتهم صورة مغايرة تماماً تتسم بالسرعة والنشاط والحداثة والصخب والضجيج، وهي صورة مختلفة تماماً عما قاموا برسمه في مخيلتهم للمدينة، كما أن الصدمة تزداد مع التعامل مع الفرنسيين أنفسهم الذين يختلفون تماماً عن اليابانيين من ناحية السلوك.
إذن هل سبق وتعّرضت لصدمة ثقافية، إن كان الجواب «لا» هذا لأنك لم تتعرض لثقافة أخرى أو أنك استطعت التعامل بمهارة مع الصدمة، إن كان الجواب «نعم» فأنت حتماً واجهت صعوبة في استيعاب ثقافة وآراء الآخر والاندماج في البيئة الجديدة. ومررت بمراحل استيعاب الصدمة المرحلة الأولى تشعر بالسعادة والثانية تتعرف على ثقافة البلد ثم تبدأ بالمقارنة بين محيطك السابق والمحيط الجديد، والمرحلة الثالثة هي استيعاب الصدمة ومحاولة الاندماج بالثقافة الجديدة بشتى الطرق.
ومما لاشك فيه أن استيعاب ثقافة ومعتقد شخص آخر ليس بالسهل تماماً، فأنت تحتاج لاكتساب مهارة فكرية لتقبل الآخر قد تكون بقراءة الكثير من الكتب التي تتحدث عن معتقدات وحياة الآخرين، وتتمثل إيجابيات الصدمة الثقافية للفرد أنها ترفع الكفاءة الذاتية وتفتح آفاق جديدة وتكتسب خبرات ومشاعر ستترك أثرها بداخلك بلا شك.
أيضاً القادمون من الثقافة العربية والإسلامية بشكل خاص هم عرضة للصدمة الثقافية بشكل أكبر من باقي الثقافات بسبب خوفهم من تمزّق الهوية العربية وانصهار العادات والتقاليد العربية في مجتمعات لاتمثّلهم. وقد يكون الإعلام والسينما سبب من أسباب الصدمة الثقافية فهي ترسم بخيال الإنسان مدى جمال وروعة ومثالية المجتمع ليفاجأ الشخص بعد ذلك بالحقيقة. إنه مجتمع آخر طبيعي توجد به العنصرية.
ومؤخرا نشرت وكالة بلومبرج Bloomberg الهولندية المتخصصة في الأخبار والتحليللات الاقتصادية، تقريرا يحذر من إمكانية فقد فرنسا لآلاف السائحين الصينيين الذين يفيدون سنويا بعد ظهور أعراض إصابتهم ما وصفه التقرير بالوباء وأطلق عليه اسم (متلازمة باريس) التي أصبحت تصيب السائحين الصينيين كما أصابت من قبل نظرائهم اليابانين.
ويبرر وقوع هذه الصدمة (جان فرانسوا تشو)، رئيس الجمعية الصينية لوكالات السفر في فرنسا، والذي يقول: (إن الشعب الصيني ينظر برومانسية إلى فرنسا، فهم يعرفون الكثير عن الأدب الفرنسي وقصص الحب الفرنسية، ولكن البعض منهم في نهاية المطاف يرحل وعينه تمتلئ بالدموع، ويقسمون أنهم لن يعودوا مرة ثانية).
أحلام الفهمي - الدمام