منذ أن منحت الثقافة شرعية التمثيل والحضور الرسمي عبر إقرارها ضمن حقيبة وزارية ضمت إلى الإعلام قبل سنوات معدودة.. والأصوات المطالبة باستقلالها استقلالاً تاماً ترتفع من حين إلى آخر مدعومة بجملة من المسوغات التي تؤكد في مجملها أن الثقافة فعل والإعلام وسيلة، وما بين الوسيلة والفعل تقاطعات تتعدد وتتمدد لن يكون أولها معيار الوقت ولن يكون آخرها شكل الأثر.. ناهيك عن اشكالات بيروقراطية وإدارية وتنظيمية ربما فاز الأنصار (الإعلام) بحصتهم وحصة المهاجرين (الثقافة) الذين جمع شتاتهم من الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم فيما لا تزال قطع الشتات الأخرى متفرقة لدى بعض قبائل الجهات والمؤسسات.
القائلون بضرورة استقلال الثقافة استبشروا خيراً حين أنشئت الهيئات الإعلامية المتخصصة (هيئة الإذاعة والتلفزيون وهيئة الإعلام المرئي والمسموع وهيئة وكالة الأنباء السعودية) وهي الهيئات التي لا أزال أتذكر وعد الوزير السابق الدكتور عبدالعزيز خوجه بإنشائها حين صرح بذلك أوائل مرحلة تعيينه وزيراً للثقافة والإعلام..
أسئلة الفصل والاستقلال تستحضر معها واقع وكالة الشؤون الثقافية بوزارة الثقافة والإعلام التي تم سحب عمودها الفقري المتمثل في الأندية الأدبية وربطها مباشرة بمعالي الوزير ـ والسؤال يستمر هنا حيال هذا الواقع مع الوزير المكلف الدكتور بندر حجار ـ ما يجعلنا أمام حالة قد يكون من الضروري جداً أن ينظر إلى استقلال الثقافة كجهة إدارية رسمية بصورة كاملة تماماً ومنحها شركية غير مشروطة أو مجزأة ومطالبتها بنتائج ملموسة وطنياً وجمالياً وفكرياً من خلال خطة استراتيجية واضحة وقابلة للتقييم والمراقبة وتحديد مدى تحقق أهدافها من عدمه في ظل جدولة زمنية دقيقة.. فالأجيال الرقمية لا تؤمن إلا بالرقم والنسبة والنتيجة بعيداً عن تدبيج التقارير الأقرب للحلم منها إلى الواقع..