للمرأة وللغة معاً حق في أن نسجل لهما وعنها لفظة مؤنثة تشير إلى معاني الخبير بغوامض الأمور، والناقد العارف بتمييز الجيِّد من الرديء: بما أن جهابذة الفكر: أعلامُه البارزون وهذه معان تخص المذكر ولا تشمل المؤنث، وقد تحركت القضية عندي حينما تلقيت سؤالاً في تويتر من المغرد (وليد) يسألني عن مؤنث كلمة (جهبذ) فقلت له: لو كان الخيار بيدي لقلت: جهبيذة، ولكن المعاجم لا تعطي الأنثى حقاً في الكلمة، وما نجده في المعاجم هو:
جِهبيذ:
الجمع: جَهَابِذَةُ عَالِمٌ جِهْبِذٌ مِنَ الجَهَابِذَةِ العِظَامِ: العَارِفُ، الْمُتَضَلِّعُ مِنَ الْمَعَارِفِ، الخَبِيرُ النَّاقِدُ.
جَهبَيذ: (اسم)
الجمع: جهابذة
خبيرٌ بغوامض الأمور، ناقد عارف بتمييز الجيِّد من الرديء:
جهابذةُ الفكر: أعلامُه البارزون.
وصفات الخبير بغوامض الأمور الناقد العارف بتمييز الجيِّد من الرديء وردت حكراً على الرجل دون المرأة ولذا نصت المعاجم على أن جهابذة الفكر هم أعلامُه البارزون، ولم تقل شيئاً عن الجهبيذات.
وهذه مسألة تعود إلى علة ثقافية نسقية تقول بالنص إن الشجاعة والكرم عيب في المرأة ويخصان الرجل (كتابي المرأة واللغة) وكذلك فإن الثقافة تنسب المرأة للجهل ونقص الحكمة، وهذا عند كل الثقافات البشرية، وظلت الحال على هذا المستوى إلى أن بدأ تعليم النساء، وهذا عهد قريب لا يبعد أكثر من قرنين في مقابل أكثر ثلاثين قرناً من تملك الرجل للكتابة، ومنها كتاب جمهورية أفلاطون وهو كتاب في العنصرية ضد المرأة وفي نفيها خارج إطار الاعتبار، وإن كان التعليم قد رفع صفة الجهل عن المرأة إلا أن المخزونات اللغوية والثقافية لما تزل تخزن التحيزات وتظل هذه التحيزات ساكنة في الذاكرة وفي بطون الكتب إلى يحركها محرك ما فقد تتحرك وقت الشقاق بين رجل وامرأة ليجري استحضار الصفات السلبية والطبقية، أو يحركها سبب علمي بحت مثل سؤال وليد لنكتشف عن غفلة مرت علينا دون تنبه وهي أن لغتنا لا تملك كلمة مؤنثة للجهبذ، وهنا نقول إن للغة وللمرأة معاً حقا في إن نضع كلمة (جهبيذة) وأن نستخدمها ونضيفها للمعجم فنقول:
1- جهبيذة: (اسم)
الجمع: جَهَبيذات
عَالِمة جِهْبِيذة مِنَ الجَهَبيذات العظيمات: والعَارِفةُ، الْمُتَضَلِّعة مِنَ الْمَعَارِفِ، الخَبِيرةُ والنَّاقِدةُ
2- جَهبيذة: (اسم)
الجمع: جهبيذات
خبيرةٌ بغوامض الأمور، ناقدة عارفة بتمييز الجيِّد من الرديء، لقد كانت هذه الصيغة ترد حصراً بصيغة التذكير وحقها أن تكتسب التأنيث صيغة مصاحبة لها، ليحدث تحول نوعي في الصيغ تبعاً للتحول الذهني في الوعي والعلم والثقافة. وهذه خطوة في تأنيت اللغة، كما طرحتها في سلسلة كتبي الأربعة عن تأنيث اللغة.