مائير:كلا، سيكون لدينا 58 صوتاً ولكنهم (تكتل ليكود اليميني) لا يستطيعون التصويت بعدم الثقة.. أقصى ما يمكن أن يحصلوا عليه هو 56 صوتاً. نحن متقاربان 58 - 56.
كيسنجر: وماذا عن الستة الآخرين؟
مائير: إنهم شيوعيون.. إلخ.
دينيتز: غالباً سيمتنعون عن التصويت.
مائير: وهناك أربعة آخرون سيصوتون على الأرجح لنا.
دينيتز: فيما يتعلق بالرسالة التي أرسلتها إليهم عن السجناء المفقودين، هل يمكن أن تحصل على تأكيد بأننا سوف نحصل على إذن للبحث عن جثث المفقودين؟
كيسنجر: لقد أثرت ذلك مع فهمي.
مائير: لدينا اتفاق مع جنرالهم.
كيسنجر: قال لا بأس من الدخول لمسافة 3-4 كيلومترات داخل حدودهم.
مائير: لدينا خرائط عن مواقع المعارك.
كيسنجر: قال: إنهم حولوا 700 جثة لكم. أعطوكم 90 في الأسبوع الماضي وحده.
دينيتز: قصدي، أننا توصلنا إلى اتفاق معهم، ونريد إعادة تأكيد الاتفاق.
كيسنجر: أنا فقط أقول لك ما قال. لقد قال: إنه سيسمح للأمم المتحدة الذهاب إلى أي مكان تطلبونه للبحث عن الجثث.
مائير: (تخاطب دينيتز) لماذا لا تسأل ليور؟
كيسنجر: نعود إلى فك الاشتباك: أنا لست متأكداً بأن السوريين سيقبلون أي شيء يمكن أن تقبليه، حتى في أكثر حالات خيالك تطرفاً؛ لأنه إذا كانوا يصرون على خطهم الذي أحضرت لك كحد أدنى. إذا رفضوا خطاً مقبولاً من الناحية النظرية، ويقول المصريون إنهم لن يقاتلوا من أجل ذلك، فإن هذه ليست نتيجة سيئة. بخصوص خطوط 6 أكتوبر، قلت لك ما قاله السادات. لا أريد جوابك اليوم، حتى لو كان سلبياً؛ لأنني أريد أن نواصل مسيرتنا.
مائير: لا ينبغي أن تقول لهم أن يأملوا بأننا سنفعل ذلك.(11)
كيسنجر: لم أفعل. قلت: لم نناقش ذلك.
مائير: ماذا سيقول الجمسي؟
كيسنجر: سوف يقول للسوريين ارفضوا أي شيء يحضرونه، لأنه يجب أن يمر عبر عملية طويلة. ثانياً، إذا كان بإمكانهم الحصول على خط 6 أكتوبر فلن يكون إنجازاً ثانوياً. أنا لن أناقش خط 6 أكتوبر؛ لأنه سبق أن قال لي إنه يرفض ذلك. سوف نناقش المفاهيم، وليس الخطوط. أعتقد أنه من الخطأ أن ندع هذا الأمر ينفجر بينما أنا هنا، قبل أن أقابل فيصل.(12)
مائير: لقد شجعني بيان السادات الذي حدد المراحل.
كيسنجر: هذا صحيح. أيضاً، سوف يقول الجمسي لهم: إن اللجنة العسكرية المصرية مفتوحة لهم ابتداء من اليوم - ولذلك هم في وضع يمكنهم من رفض كل شيء. ويقدم لهم.. واشنطن كمكان. لن يقبلوا أبداً بجنيف؛ لذلك لا تقلقي.
مائير: ينبغي أن يُبدأ بشيء ما، مثل عودة المدنيين.
كيسنجر: إنه سيثيره.
مائير: ابدأ بذلك، أي بتبادل للسجناء.
كيسنجر: هذا أمر مستحيل. دعيه مفتوحاً. على مراحل كما هو الحال في مصر، لا تصدري بياناً بما لن تقبليه. أنا الآن أعتقد أن كل ما يمكن أن تحصلي عليه بخصوص سوريا هو فك الاشتباك. ما ينبغي الحرص عليه هو إخراج المصريين من الحرب.
مائير: إن فكرة عبور تلك الحدود خطيرة في إسرائيل اليوم. خطيرة تماماً!
دينيتز: ألا تريد بياناً علنياً.
كيسنجر: لست بحاجة إلى بيان علني بأنكم سوف تنظرون فيه.
رودمان: ليس هناك خطر من ذلك!
كيسنجر: ولكن يرجى عدم عمل تصريحات بما لا يمكن قبوله(13). أريد أن أقول للسادات: إن الأمر مفتوح. إذا كان يمكننا القول إنه بعد تشكيل الحكومة أنكِ سوف ترسلين مسؤولاً إلى واشنطن، فيمكنني أن أطلب منه (الأسد) أن يفعل ذلك أيضاً. إذا تمكنت أن أقول للأسد: إنني أناقش حقاً أفكار رئيس أركانكم بصورة عامة، دون أن أخبر عن مكان الخط.. حتى لو كنت ستقولين لي الآن بأنك ستفعلين ما أعتقد أنه ضروري، فأنا بالرغم من هذا سوف أعرض ثلث الأراضي المحتلة الجديدة فقط.
قال السادات إن مشكلته ستحل إذا عرضتِ تقديم القنيطرة.. ولكنه (في الحقيقة) لا يريدك أن تعرضيها.
المشكلة التكتيكية العاجلة هي ألا يحدث تصعيد وأزمة قبل اجتماع وزراء نفط، الذي من المقرر الآن عقده في 10 مارس بعد عودة بومدين من الصين. قال السادات إنه وعد صديقه كيسنجر بالتجول في المنطقة. أريد أن أقول للأسد أنكِ ستوافقين على إرسال مسؤول كبير إلى واشنطن، ومن ثم عليه أن يفعل ذلك. سنربح القليل من الوقت. لا يمكن كسب شيء من مواجهة الآن.
مائير: كلا، كل ما نريده هو ألا يطلق النار، وأنه ملتزم بوقف الحرب الحالي.
كيسنجر: ليس من المستغرب أن الأسد سيعلن بعد رؤيتي أنه لا يوجد أي أساس للتفاوض، وهذا هو السبب الذي جعل السادات يرسل مبعوثيه في المنطقة. ينبغي تجنب التأزيم. نستطيع أن نقول: يجب حقاً أن نتبع المراحل الساداتية الأربع، وأنه يجب عليكما إرسال شخص إلى واشنطن.
مائير: (بتهكم) ليس معاً!!
كيسنجر: ليس في البداية. دعينا نرى كيف تجري الأمور. إنه أمر محتمل ومعقول. ثم نكون فعلنا كل ما قلت للسادات وفيصل بأنني سأفعله. سيمكنني عندها فعل أشياء كثيرة: أستطيع أن أنسحب من المفاوضات على أرض الواقع على أساس عدم رفع الحظر النفطي(14)، أو يمكن للسادات أن يُصرح بقبوله لخط 6 أكتوبر.
مائير: إنهم ملتزمون بوقف إطلاق النار، أليس كذلك؟
كيسنجر: سبب تفضيلي للمحادثات غير المباشرة هو أن تحصلي على فكرة عما يواجهك. المصريون صعبون، ولكنهم يعملون في إطار متحضر. السوريون لا يشكلون مشكلة عسكرية، ولكنهم يشكلون خطراً من حيث نشر (الخطابية) الراديكالية في العالم العربي كله. الفائدة من تحقيق اتفاق هي أنها تجعلنا نأمن جانب السادات ونطرد الروس تماماً. يمكن للسادات أن يحافظ على جنيف إذا أراد، كمنتدى للبروباغاند.. نحن لن نعترض. ماذا أقول لزملائك؟ من سيكون هناك؟
مائير: نفس المجموعة. باستثناء أيضاً النائب سابير (المتخصص في المالية في الكنيست ووزير التجارة والصناعة السابق) الذي يريد أن يتحدث معك وحده عن التمويل.
دينيتز: يقولون إننا نغش في طلباتنا للمساعدة المالية.
كيسنجر: إنه يعرف النظام وما يتعين عليه القيام به. كم يجب أن أقول لزملائك؟
مائير: (تفكر) إنهم.. دايان، آلون، إيبان.
دينيتز: ولكن أيضاً غازيت، إيفرون..
مائير: ليس بالتفصيل، ولكن مجرد أنه بعد كلامك في مصر يريد السادات أن يكون مفيداً، وأنه بعث أناساً هناك، وأنك لم تقدم صورة وردية لما سنفعله.
كيسنجر: بالعكس، أنا أفهم قصدك.
دينيتز: لا يجب الخوض بما سيفعل أو لن يفعل السادات، اعتماداً على الخطوط.
كيسنجر: أنا فقط أتساءل عن بلدي. ربما سوف أذكر ذلك فقط، دون مجادلة. سأقول: إنني فقط أبلغكم وعلينا أن نتفق على ما سأقول في دمشق، وسوف يكون أقل من خط 6 أكتوبر.
مائير: يجب أن أقدم حكومتي الجديدة للكنيست يوم الثلاثاء، وبدون شك سيسأل شخص عن مرتفعات الجولان. وسوف أقول فقط: إن الحكومة لم تغير موقفها.
كيسنجر: بالضبط.
دينيتز: قد تكون مفيدة.
كيسنجر: إذا كنتِ لا ترغبين بأي قدر من التفصيل.
أنا قلق حقاً عن اجتماعي الليلة في دمشق. من وجهة نظر الأسد، هناك خطورة. ولكن بمجرد أن نشركه معنا في الاجتماعات ويلتزم بالمفاوضات سيتحول الأمر إلى مساومات حول التفاصيل، ولكن قبل ذلك يمكن أن يجادل على المبدأ. هذا هو السبب في أن ما يقوم به السادات مفيد للغاية، أي إخبار الجميع بأن كل شيء يسير على ما يرام. أنا لا أستبعد أن الأسد سيقول إنه لن يتحدث إلا إذا ضمنت خطاً في مرتفعات الجولان. وهذا ما لن أفعله حتى لو عرضتِه أنتِ (15).
مائير: هل سمعت شائعات عن اضطرابات في دمشق؟
كيسنجر: كلا، اليوم؟!
كيسنجر: المشهد غريب في دمشق. الناس متجهمة. إنها ليست مثل مصر مطلقاً. لا أحد يسلم أو يبتسم. لدينا تقرير مخابراتي أن هناك وحدة كوماندوز فلسطينية في دمشق لقتلي. لقد قدمنا سيارات مصفحة إلى السوريين؛ حتى يكون هناك سيارة مصفحة على جانبي سيارتي؛ لذا فإنها بيئة ليست مريحة للغاية.
حتى لو عرضتِ أنتِ ما هو مقبول من الناحية النظرية، ولكن ليس من الناحية السياسية، فليس هناك مؤشر بأنه سيقبل ذلك. لم أسمع الأسد أبداً يقول شيئاً عن القنيطرة. أرسلي وزيراً إذا أمكن ذلك، أيا كان. ثم سيأتي موفد سوري. وهذا سيضيع الوقت. هل يمكنك إعطاء ديان مهمة خاصة؟ (السيدة مائير تهز كتفيها بما يعني إجابة سلبية). أنا لا أريد أن أقول لك كيف تديرين حكومتكِ، بالرغم من أن سفيركم دينيتز يخبرنا كيف ندير حكومتنا، (ضحك).
دينيتز: أنت تابع لإسرائيل، وفقاً لتامير!
مائير: هل السادات يعمل على (تنظيف) القناة؟
كيسنجر: نعم، ونحن لدينا فريق هناك. ليبيا تريد 600 دبابة (T- 62s).
(في نحو الساعة 13:00، وصل وزير الخارجية إيبان، وانتقلت المجموعة إلى غرفة اجتماع أكبر لاجتماع موسع).
انتهى المحضر
** ** **
هوامش المترجم:
(11) مائير تخاطب كيسنجر كما لو كان وزير خارجيتها. (العيسى).
(12) تأملوا رعب كيسنجر من لقاء الملك فيصل - رحمه الله - بدون تحقيق تقدم في فك الاشتباك. فعلاً، أمريكا لا تفهم إلا لغة التحدي والقوة التي تمثلت في حظر النفط. (العيسى)
(13) إخلاص منقطع النظير: كيسنجر إسرائيلي أكثر من غولدا مائير. (العيسى)
(14) كان ذلك الحظر في الأساس قراراً لخفض إنتاج النفط تدريجياً (بدأ بخفض مقداره 5 % في الإنتاج وتزيد النسبة شهرياً، واستمر لبضعة شهور) أعلنته منظمة الدول العربية المصدرة للنفط (أي أوابك وليس أوبك). وسمي ذلك الحدث إعلامياً بصورة غير دقيقة بـ»الحظر النفطي» Oil Embrgo، وهو ما أوهم البعض بأن النفط قد حظر 100 % تماماً وفوراً، وهو أمر غير صحيح مطلقاً. وكان بعض «العقلاء الجدد» قد نشروا مقالات تهون من أمر ذلك الحظر النفطي؛ لأنهم اكتشفوا «حديثاً» أن النفط «لم» يحظر 100 %، بل كان مجرد - بتعبيرهم - خفض بسيط للإنتاج. ويأتي كلام كيسنجر هنا لكي يثبت أن «مجرد» خفض الإنتاج بنسبة 5 % شهرياً، والتهديد بزيادة النسبة تراكمياً، كان يعتبر عملاً ثورياً وجباراً، وبمنزلة إعلان حرب بمعيار ذلك الزمن. ورحم الله كل من دافع عن مصالح وكرامة الأمتين العربية والإسلامية. (العيسى).
(15) أي أن كيسنجر حريص على مصلحة إسرائيل أكثر من غولدا مائير. (العيسى).