الإعلامي الأمريكي المشهور «جون ستيورات».. قرّر أن يخرج فيلماً عن قصة صحفي إيراني كان له دور في تغطية أحداث الثورة الخضراء في 2009 بإيران والتي تلاها ردة فعل شعبية بعد فوز أحمدي نجاد بولاية ثانية واتهمته فيها المعارضة حينها بالتزوير واللعب بالأصوات.
مازيار بهاري.. هو اسم الصحفي الإيراني، الذي ألّف مذكراته الخاصة التي تحكي قصته وقصة اعتقاله، وكانت مذكراته بعنوان «ثم جاؤوا إليّ» (Then They Came For Me).
وحينما قرّر ستيورات إخراج الفيلم سماه «ماء الورد، Rosewater» لأن السجّانين في إيران يستعملون هذا الماء كطريقة وحيدة تقريباً لبعث الرائحة الجيدة في المكان. وهذه الرائحة ارتبطت في ذهن مازيار الصحفي وأصبحت تذكّره كل مرة بتجربة الاعتقال تلك.
مازيار الصحفي الإيراني الكندي قرَّر تغطية أحداث الانتخابات عام 2009 في إيران والمخاطرة باحتمال تصاعد حالة القمع بعد الانتخابات وحينما قرّرت لجنة الانتخابات إعلان فوز أحمدي نجاد بعد توقعات كبيرة بفوز المعارضة.. قادت المعارضة وعلى رأسها حسين موسوي ومهدي كروبي حملة مظاهرات واسعة شملت مناطق مختلفة أبرزها في العاصمة طهران، وسميت حينها بالثورة الخضراء.. أو الموجة الخضراء، وحين كان يتنقل مازيار ليغطي جانباً هنا وجانباً هناك كان يحاول أن يقدم العمل الصحفي كمحترف ويغطي لمجلة أمريكية ويتحدث لبعض القنوات الصحفية بالإنجليزية، وفي تلك الأثناء قابله أحد مذيعي الـ «ديلي شو» التابع لجون ستيورات.. ومازحه بأنه مخبر أمريكي.. ولكن مازيار دفع ثمناً باهضاً لهذه المزحة ثقيلة الدم، حيث بعدها بعدة أيام تابعه جهاز الأمن الأيراني.. وراقب تحركاته.. ورصد أصدقائه ومعاونيه في تغطية الأحداث.. وتم اعتقاله عدة أشهر بيئسة.. اتهمه الأمن الإيراني بأنه جاسوس أجنبي ما.. وأنه مخبر خفي لإحدى القوى الاستعمارية هنا أو هناك.. واستعملوا تلك المزحة من برنامج الديلي شو.. معه كدليل في التحقيق، حيث جرى تعذيبه وضربه ومنع اتصاله بالعالم الخارجي وبأهله وزوجته.
في مذكراته وفي الفيلم.. تم رصد أحداث سجنه وتعذيبه وقصة اتهامه بالجاسوسية وعلاقاته مع الإعلام الغربي كتهمة في إيران، وقدم الكتاب والفيلم تعبيراً دقيقاً للأحداث داخل السجن في إيران وكيف تم التعامل معه..وفي المقابل كيف تم عمل حملة إعلامية لمحاولة تغطية قضيته والدفاع عنه سواءً في كندا أو في غيرها.
الأساليب النفسية التي تم استعمالها ضده.. وتلك الأساليب الأخرى التي اتخذها في المقابل لكي ينجو من وابل الأسئلة والضغط النفسي والعذاب الجسدي، ولأجل كل ذلك قرَّر جون ستيورات كجزء من رد الجميل والاعتبار لمازيار بهاري على تلك التهمة واتخاذ تلك المقابلة كدليل ضده.. أن يخرج الفيلم الذي قامت قصته على وقائع حقيقية ودقيقة لبضعة أشهر قضاها مازيا في إيران متنقلاً بين مقرات الحملات الانتخابية والمرشحين قبل الاعتقال وأشهر أخرى أطول في المعتقل بسبب تغطيته للأحداث ونشره للحقيقة ولوقائع الانتفاضة حينها.
الكتاب «Then They Came For Me» يستحق القراءة.. والفيلم «Rosewater» يستحق المشاهدة.