من القاعة إلى المنصة
بعد عامي 1410- 1411( 90 - 91) اتضح أن الصحوة لم تعد مجرد قوة جماهيرية تملأ القاعات وتشعل جو النقاشات بل أصبحت أكثر من ذلك بكثير فنجاحها في إحباط جائز الإبداع في جدة، ونجاحها في التأثير على أجواء الجنادرية أدى إلى نوع من التدجين الثقافي ومس هذا كل منصات الأنشطة الثقافية الجماهيرية ،وصار مفعوله يسبق وقوع الحدث من حيث إنه صار هاجسا يوجه مسار التخطيط والتفكير في أي فعالية حتى ليتجنب المنظمون أي عنوان وأي شخص يحسون أنه سيثير توتر الجمهور الصحوي ،وعلى السنوات المتعاقبة ظل هذا هو القانون الذهني، حتى إذا شذت فعاليات معرض الكتاب عام 2006 فإن فئة من رصيد الصحوة السابق لن تقف عند حد في مواجهتها للمنصة، وكذا صار لفعاليات جامعة اليمامة في العام نفسه، وهما حدثان أكدا هواجس العقلية التنظيمية، وصار المعرض واليمامة بحكم من شذ على القانون الذهني ،وحين تولت وزارة الثقافة معرض الكتاب منذ 2007 وراثة عن وزارة التعليم العالي أعادت أنشطة المعرض لبوتقة ( راحة الراس ) وأحكمت معنى التدجين حسب المؤشر العام لقانون التوجس المسبق، وكذا تعطلت أنشطة جامعة اليمامة، وصار من العرف الثقافي العام عندنا أن نسمع أخبار إلغاء المحاضرات والمسرحيات وأي نشاط منبري، مما هو خبر متفق على سماعه منذ عام 1990 حتى يومنا هذا (2013) وهنا تكون الصحوة تحولت فعليا وذهنيا من القاعة والحشد المتموج إلى المنصة وصارت تدير الهاجس الثقافي عبر تمكنها من ذهنية المخطط الراغب في تجنب الصدام، حتى لقد أصبحت جملة (تجنب الصدامات) هي الرعب الذهني في التفكير المؤسساتي وتبدت المؤسسة في حال من التدجين المتوجس أبدا. وهذا يعني أن الصحوة كحشود قد تراجعت حسيا ولكنها تركت أثرا ذهنيا في عقلية المخطط لما يزل عاجزا عن تجاوزه، وإذا حدث وجاوزه مرة فإنه يعود تائبا عن زلة يحاذر تكرارها، كما شهدنا في حالتي معرض الكتاب وجامعة اليمامة.