تُعدُّ الشاعرة تهاني حسن عبدالمحسن الصبيح أن بداية طريقها الثقافي بدأ منذ حصولها على جائزة الأمير محمد بن فهد للتفوق العلمي (المرتبة الأولى على المنطقة الشرقية) للمرحلة الثانوية 1413 نافية أن يكون لعضويتها بالنادي الأدبي الثقافي بالأحساء أي دور في إصدار روايتها «وجوه بلا هوية» لصدورها قبل انضمامها لعضوية المجلس كما تُرجم لها (كشاعرة) في معجم شعراء الأحساء الصادر عن نادي الأحساء الأدبي وفي كتاب (شاعرات من السعودية) لـ أ. سارة الأزوري قبل عضويتها أيضًا. كما تعد حاليًا مخطوطات شعرية بعنوان «حدودكَ أنا» وإن كانت تنظر للنادي كحزمة من ضوء أشعلت فتيل الحماس في نفوس الكثير من النساء عبر (ديوانية المثقفات) ولقاء (الأديبات الواعدات) والذي من خلالهما برزت أقلام نسائية عديدة اكتسحت الضوء واحتلت القمة وسيحقق القسم النسائي بإذن الله وبمتابعة ودعم وتشجيع رئيس النادي الدكتور ظافر الشهري الذي يتابع إنجازاتنا مشجعاً الكاتبات (الأديبات الناشئات) بإصدار كتاب يحوي نتاجهن وسيرهن الذاتية.
وترى الصبيح أنها لم تبدأ بعد إنما أعدت لنفسها فقط مراسيم البدء وحرثت أرضاً خصبة قادرة على الحمل والولادة لتنجب (قيمة) تخدم الناس والوطن.
وتقول إن أول ضوء سلّط نفسه على ما أكتبُ من شعر كان بنادي الأحساء الأدبي قبل أن أكون عضو مجلس إدارة فيه أو يتم توثيقي كمنسوبة إليه وبعدها حلّق القدر بقدميّ إلى رحاب المدينة المنورة في مؤتمر الأدباء السعوديين الرابع لأحيي صاحب القبة الخضراء في خيمة العقيق حيث حفل الافتتاح.
كم كنت فخورة لحظة عودتي إلى مقعدي في المدرج بأصوات رجال الوطن الشرفاء وهم يقولون لي: (بيض الله وجهك)، ثم ووقفتُ في الجوف أحاورُ الأرضُ بأنفاس الوله المعتقة بالطيبِ والحُبّ كما يليق بأهلها وحفاوتهم بي فيما كانت آخرُ محطة دونتها في سجلّ مذكراتي ترشيح مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في الرياض لي بالمشاركة في أمسيتها المقامة على شرف صاحبة السمو الملكي الأميرة حصة بنت طراد الشعلان حرم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.
الأوفياءُ بكلّ أرضِ آمنة
يقسّمون الحب عبر الأزمنة
في كلّ سنبلةٍ تشعُّ أنوثةً
ورغيفِ خبزٍ يستدير بعاجنة
وحول رأيها بالحركة النقدية الحديثة للأدب السعودي تقول الصبيح: إنني أقف حائرة أمام قراءات نقدية لا طائل منها سوى التطبيل والثرثرة!
غير أنه لا يجوز لي إبخاسها حقها ووأد طاقات فقد ساهمت في ابتكار أدوات نقد جديدة يرتقي بها النص وتكشف مضامينه وأبعاده وبعض خباياه.
وتصنف الصبيح الأقلام النسائية إلى ثلاثة أقسام قسمٌ وأدته العادات والتقاليد وثوابت بعض الأسر والمجتمعات وقسم منحه الإعلام أكثر مما يستحق وقسم مبدع تنحني له ذائقتي ولن أسرد كماً من الأسماء حتى لا يجرني الحديث إلى المحظور مشيرة في الوقت نفسه إلى دعم وزارة الثقافة والإعلام للمرأة السعودية الذي وصفته بـ»المتفاقم» يومًا بعد يوم فكثيرة هي المقاعد النسائية المخصصة للمشاركات وإدارة الندوات والأمسيات وهذا جهد ملموس يستحق التقدير وكي لا ينعتونني (بالتزلف) و(الثرثرة) أقول: مديحي للوزارة تقدير لها تستحقه ولا أرجو منه نائلة إذ إن مشاركاتي معهم قليلة على مدى عشرين سنةٍ كتبتُ فيها الشعر ولم أحظَ بالمشاركة سوى هذه السنة غير أن هناك بعض العقبات التي تواجه المثقفة السعودية مثل عدم وجود قوانين صارمة تتيح لها فرصة المشاركة في الفعاليات الثقافية مع تجاوز بيروقراطية الأنظمة التي تؤطرها وتشعرها بفداحة ما تفعله حين تترك مقعدها الوظيفي وتغادر للمساهمة في فعالية فيها (رفعة) للوطن و(نهضته) مطالبة أن يكون هناك تعاميم حازمة غير معلقة بمزاج الرئيس أو تصوراته أو سياسة الإدارة التابعة له وأعتقد أن هذا أبسط حق يُكرم به الكاتب أو الشاعر في بلده واصفة أن أكبر تدمير للبنية الثقافية هو تلميع ما لا بريق له وتدثير الرديء من الأدب (شعراً ونثراً) برداء الجمال والزهو فهنا «تجارة بور» كما يؤسفني أن أقول بأن تقييمنا للشخص أصبح متوقفاً على عدد إصداراته دون النظر إلى محتواها أو إلى ما يكتنزه فكره من قيم وأبعاد تشي بتفكيره ورؤاه الثقافية.
واتهمت الصبيح دور النشر بلعب دور رئيس في إصدار كُتب لا قيمة لها فناً ولغةً وأسلوباً معللة شراءها لشهرة الكاتب وذيوع صيته بين الناس واحتلاله مكانة ثقافية لا يستحقها، فاقترح اتخاذ أسلوب الغربلة في التعامل مع من يدعي «الأدب» وهو منه بُراء وتضيف بالنسبة لي كتبت روايتي (وجوه بلا هوية) كي تصل رسالتي واضحة إلى المجتمع الذي جنى على نساء حريّ بهن أن يكنّ أرضاً خصبة للحضارة والازدهار وتجنبت التعامل مع أي دار نشر تساومني على الثمن وتبيع كلامي أو تتجر به وقد تولت لجنة التحكيم التابعة لنادي الأحساء الأدبي مراجعة العمل وترشيحه للطباعة ولا يمكنني هنا أن أزكي العمل أو أشيد به لكن ثق تماماً أن ما يخرج من قلب الكاتب وصدقه ينفذ إلى قلوب القرّاء وعواطفهم.
واختتمت حديثها لـ»الثقافية» أن هناك شعراء تضج بهم الذاكرة وتجد نفسها متتبعة لخطاهم فكل من يجيد هندسة نصوصه ويبرع في إخراجها لي كمتلقٍ أحب أن أقرأ له لذا تجد مكتبتي تحتضن دواوين من نعتهم بالمبدعين كعنترة العبسي والمتنبي والدكتور غازي القصيبي ونزار قباني وغيرهم واصفة والدها رحمه الله بأول الداعمين لها يليه زوجها ويليه الدكتور ظافر الشهري رئيس نادي الأحساء الأدبي وأستاذ النقد والأدب بجامعة الملك فيصل بالأحساء الذي لا يكف عن مناداتي (بابنتي) في جميع محافل الثقافة والأدب وطالما كرر على سمعي عبارة واحدة (أنت شاعرة وطن يستحق منك البذل) وهنا لابد من وقفة أقول بها إن للفن حقه ولأسرتي المكونة من زوجي وهو - صديقي الأول في الحياة - وابنتي وأولادي الثلاثة حق تمليه عليّ الأمومة وحجم العاطفة التي لا أشك بأنها عاطفة قادرة على أن تسع الكون كله.