(1)
مجرد أحلام
من أجل حلم يقيم أود بقاءه؛ يلزمه دفء أنفاس لحاف يتدثر فيه في هذا الشتاء الذي يضرب أطنابه على فضاء هذه المدينة.
لم يأت الحلم المشتى فقد ظل في كوابيس شاقة تعيد تفاصيل يومه، فما أن صاحبه الأرق، وبات مشتت الذهن هجس ببعض ما تيسر من أحلام واهية، كان يمتلك بيتاً، ويظفر بزوجة، ويحتفي بسيارة تقيه الحاجة.. لم تنته أحزانه، إلا حينما هاجمه شبح الصباح معلنا القيام لمواصلة جلد معتاد لا يقترب من أي حلم ممكن.
(2)
المغيب القريب
رجل ممدد على حافة النهايات.. ما الذي ستجود فيه ذاكرته غير غناء لاعج حزين، على نحو ما يترنم فيه الآن؟!
فعينا الرجل تفتلان أفق المكان، واحدة ترقب المغيب الموشك على اللوذان في العتمة المعتادة، والأخرى تنقض غزل حلمها بمأوى يقيه عثرات الليل، وطارق الممرات في لهاث عجيب لا يتوقف أو يهدأ.
المدن هنا لا تصنع من العابرين لشوارعها، وأزقتها سوى هذه الأيقونات المعبرة دائماً عن فقد أليم. ظل الرجل بعد هذه المقولة على الحياد، يروم الرحيل لكنه غير قادر على مبارحة المكان.
لم يكن قابلاً للاستسلام، ليواصل البحث في أطراف المدينة عن أي فرصة عمل تعيد ترتيب الحياة، أو لعله يرتق الفارق بينه وبين العالم من حوله.
(3)
فارق الحياة
في قاعة الامتحان يقف المراقب، بكامل وعيه وحذاقته المعهودة في التربص لم يحاول الالتفات إلى من حوله. بنظارته السوداء يجلس على كرسي فارغ أمام التلاميذ. يسترخي الرجل وتند عنه أنه خفيفة وكأنه بدأ يتظاهر في النوم كعادته.
حدجه زميله المراقب الآخر جاء الوكيل، ووشى فيه للمدير حضر الجميع لماذا لا ينهض (أستاذ عايش).. نداءاتهم لم تجدِ، حركه الوكيل وتهاوى من جلسته وكأنه صخرة.. فارق الحياة على نحو مباغت.