تمُرُّ بالإنسانِ لحظاتٌ يسْتشْعِرُ فيها طعمَ السّعادة عندما يُصافحُهُ الود، ويحضُنُهُ المَعْروف، وتتجلَّى أمامهُ مغارِسُ الطيب في مُحَيّا كل مَنْ قابلهمْ على غير معرفة سابقة أو قرابة أو نسبْ. وجوهٌ مُسْفِرةٌ بالنُّبْل، ضاحكةٌ بالبِشْر، مُسْتَبْشِرةٌ بالفرحةِ بِكلِّ ضيف، يُضاحِكونَهُ قبْل إنْزالِ الرَّحْل، ويُشْعِرونَهُ أنّهُ مِن أجَلِّ القَرابةِ والأهْل، هذا شِعارُ أهلِ (فيْحانَ) تخلَّقوا بِخُلق الإسلام فكانوا مِن خيرة الأنام. لعلّهُ مِن اللائقِ أنْ اُحَيّي الكِرامْ بما يسْتَوْجِبهُ المقام، فأقول في حَقِّهمْ بِضْعَة أبياتٍ، ولا تكْفي في محبّتِهِمْ هذه الآبيات، عنْوانُها (عِطْرُ أشْعاري) فأقول:
1
نثرتُ من أجلكمْ عِطْرآ بأشْعاري
قَبَسْتُها مِن شَذا هِنْدٍ وآرامِ
نسجْتُها مِن شِغافِ القلبِ فأتلقَتْ
بِحُسْنِكُمْ في خيالاتي وإلهامي
ولُطْفُكُمْ كان لي بَدْرآ يُسامِرُني
وعَطْفُكُمْ كان لي طِبّاً لأسْقامي
وكان لي النّجْمَ في إدْلاجِ مَركبتي
يدُلُّني الدّرْبَ في داجٍ وإظْلامِ
ونورُكُمْ شَعَّ في نبْضي يُشَجِّعُني
بأنّ نيلَ المُنَى قد لاحَ قُدّامي
2
أتيتُ لِلمذْنبِ المحْمودِ سيرتُهُ
فصافَحَتْنِيَ آمالي وأحْلامي
وأُُبْتُ في غَيْمَةِ المعْروفِ مُبْتَهِجاً
بخيرِ ما نِلْتُ مِنْ طيبٍ وإكْرامِ
وحُزْتُ ما كُنْتُ أصْبو والهَوَى قَدَرٌ
يُسَيِّرُ المَرْءَ مِن بُؤسٍ لإنْعامِ
هذي شمائلُكُمْ يا قَومُ مِن قِدَمٍ
طِبْتُمْ وطابَ لكُمْ سِرِّي وإعْلامي
****
* ألقيت على هامش المحاضرة القيّمة التي ألقاها الزميل الدكتور عبدالرحمن الشبيلي مساء يوم الخميس 29 جمادى الآخرة 1434 بالنادي الأدبي بالمذنب بعنوان: (موجز تجربتي الإعلامية في الذكرى الخمسين لإنشاء وزارة الإعلام)