ثبت معالي الشيخ جميل الحجيلان أمام الصعاب فقد كانت المصاعب أمام إنشاء الإذاعة كبيرة، ولكن كانت آماله وتطلعاته أكبر، وقد بث المناخ الودي في العمل وجعل منه حرية مسؤولة، كان راقياً في توجهه وتعامله مع كل فرد منا، كان بمثابة المايسترو وضابط الإيقاع فكان يحرص جيداً على التوازن بين الإدارات من إذاعة وصحافة وتلفزيون وهذا سر من أسرار النجاح الذي تحقق لتلك الأجهزة جميعاً أثناء تسلمه لمنصب الوزارة، وكان ذلك واضحاً من خلال التقدم والتطور الذي حققته تلك الأجهزة في تلك الفترة رغم كل ما كان يواجهه من صعوبات.
بدأنا مع معاليه في الثمانينات قبل أن يكون وزيراً ثم تعين وزيراً للإعلام وقد علمنا أشياء لم نكن نعرفها.
لمسات معاليه في الإذاعة
معاليه أقنع العديد من الكتاب والأدباء بكتابة فكرة اليوم عن الوطن، إضافة إلى بعد نظر معاليه في الاستفادة من قدرات العلماء الأجلاء كالشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ عبدالله بن حميد والشيخ عبدالملك بن إبراهيم، وأصر أن يكونوا ضمن محدثي الإذاعة، وحرص على الاستفادة من خبراتهم.
بدأت الإذاعة بقوة وأخذت تتوسع في برامجها، والاستفادة من مذيعيها واستقطبت العديد من خارج المملكة ومن أولئك: زهير الأيوبي ومنير الأحمد ومنير شمة وعمر الخطيب وغيرهم، وبالنسبة لنشرات الأخبار واهتمامه بها، فقد حدد عدداً من المذيعين لقراءتها وكنت من ضمن من تم اختيارهم لقراءتها.
وكانت الإذاعة قوية وحظيت بمركز جيد وبجمهور كبير من المستمعين، واستمرت بهذه القوة وبهذه العناصر المحبة لعملها.
ذكريات مع معاليه
وجهني معاليه السفر إلى بيروت للإشراف على تسجيل العديد من الأناشيد الوطنية ومعي زميلي عبدالكريم الخطيب، وقد سجلنا ما يقرب من 450 نشيداً عن المملكة بعضها يذاع على يومنا الحاضر.
الذكريات مع معاليه لا تعد ولا تحصى، مرة كنا في الرياض وكان معاليه يداوم في التلفزيون بعد أن ينتهي عمله من الوزارة وكنت والزميل بدر كريم موجودين فقال لنا: كم أنا فخور بكم، وكان لها وقعها أدبياً ومعنوياً علينا.
صفات معاليه
معاليه رجل صارم في تعامله، وحريص ومتابع لكل صغيرة وكبيرة من الناحية البرامجية والفنية، معالي الشيخ جميل الحجيلان رجل ذو ثقافة عالية يتحدث الإنجليزية والفرنسية بطلاقة إضافة إلى اللغة العربية، وقراراته دائماً صائبة وموفقة.
جعل المستمع هو الهدف الأساس واحترامه وتقديم المادة الجيدة.
عمل ولأول مرة استفتاء عن المذيعين والبرامج وظهر الاستفتاء وكان له وجهة نظر، ولكن كان يتقبل وجهات النظر بصدر رحب، وفي اجتماع كافة الزملاء المذيعين بمعاليه وبحضور الزميل الأستاذ عباس غزاوي - رحمه الله - أخبرنا بأنه يقدر نتائج الاستفتاء ولكنه في نفس الوقت يحتفظ برأيه فيما نتج عنه الاستفتاء.
تطلعات معاليه
حصل معاليه على العمل الإذاعي وأن يخرج إلى المستمع بشكل هادف وجيد.
يرى معاليه أن نجاح الإذاعة واستقطاب المستمع من الداخل قبل نجاحها في الخارج.
كان معاليه يتطلع أن يكون هناك أخبار أو موجز في كل ساعة ليكون المستمع على دراية تامة بأخبار الوطن.
التلفزيون
بدأ التلفزيون سنة 1965م وكانت محطاته الأولى في الرياض وجدة والدمام وكان بين المحطات الثلاث تنافس شريف بحيث تنتج كل محطة ثم تتبادل البرامج مع بعضها البعض قبل ربطها، وانتقل مسرح الإذاعة إلى التلفزيون فيما بعد.
حرص معاليه أن يحضر إلى محطة تلفزيون الرياض بشكل دائم لمتابعة سير البرامج إعداداً وتسجيلاً وإخراجاً، كما ويحرص معاليه على أن يأخذ المهندس السعودي مكانه.
كان الملك فيصل - رحمه الله - في السادس من ذي الحجة من كل عام يقيم حفلاً لكبار الضيوف من الحجاج في مكة المكرمة، وعند إنشاء محطات التلفزيون يتم تصوير الأحداث والأخبار بواسطة التصوير السينمائي مما يجعل المادة الإخبارية تأخذ وقتاً طويلاً قبل عرضها فحرص معاليه منذ البداية أن تعرض المناسبة ضمن نشرة الأخبار الرئيسية حيث جرى بعد ذلك نقل الحفل السنوي بواسطة عربة النقل الفيديو بدلا من تسجيلها سينمائياً، وكانت هذه نقلة نوعية وبداية للنقل المباشر، بعد ذلك من مكة المكرمة والمشاعر المقدسة.
مكانة معاليه
علاقة معاليه بكافة الموظفين من إداريين وإذاعيين وفنيين، كانت أكثر من رائعة، ويخبرنا دائماً أنه يتحمل عنا الكثير.
معالي الشيخ جميل الحجيلان رجل إداري من الدرجة الأولى ويحظى بتقدير واحترام العديد من المسؤولين وعلى رأسهم الملك فيصل - رحمه الله -، وقد أصبح وزيراً مكلفاً للصحة بالإضافة للإعلام قبل أن يتولى وزارة الصحة بمفردها والتي عمل الكثير لها خاصة موضوع التخصص وخير الأطباء بين عملهم في المستشفيات أو عياداتهم، واستمر في وزارة الصحة إلى أن عين سفيراً في فرنسا، ولم ينقطع التواصل معه، وعندما كنت مذيعاً مرافقاً للملك فهد - رحمه الله - في زيارته لفرنسا، وكانت البداية من السفارة وكان معاليه في حديثه لنا يشيد بالإعلام ودوره، وأبديت له رغبتي في عمل مقابلة مع رئيس بلدية باريس (جاك شيراك الذي أصبح فيما بعد رئيساً لجمهورية فرنسا فيما بعد) وما هي إلا فترة وجيزة ونحن في مكتب معاليه حتى تم الاتصال ورتب لنا موضوع اللقاء وتم بحضور معاليه وعرض في ليلته مما كان له الأثر الطيب لدى المسؤولين في المملكة.
معالي الشيخ جميل الحجيلان هو المدرسة التي تعلمنا وتخرجنا منها وهو الممهد للعديد مما نراه اليوم، ولذلك تجد المذيعين الأوائل خرجوا من المحك حيث كانت الفترة التي كنا فيها صعبة.
إن كل ما تحقق في تلك الفترة يعود بعد الله إلى حنكة معاليه وبعد نظر معاليه وحبه الدائم للإعلام. وأخيراً فإن الحديث عن معاليه جميل لا ينضب، ويصعب إيفاؤه حقه في هذه المعالجة.
مدير منظمة الإذاعات الإسلامية