ذكرياتي مع الشيخ جميل الحجيلان كثيرة وقد لمست فيه أن لمسة الفنان كانت موجودة لديه، وقد كان معاليه في الإذاعة حريصاً على تنميتها بين المذيعين وكان يستمع منهم للأصوات ومن يحسن يطلب منه الحضور لمكتبه ويشيد به ويقول له أنت نجم في السماء، ولا شك أنه بذلك يقدم حوافز تفوق الحوافز المالية فليست الناحية المالية هي الأهم فذلك دافع واضح.
أذكر مما أذكره أنه استمع للراحل محمد الشعلان وكان يقرأ نشرة الأخبار وكان متلألئاً وكانت النشرة تذاع الساعة الثانية ظهراً ثم طلبه لمكتبه وقال له أنت نادر الوجود وأنا أحييك وأتمنى أن تستمر وتقدم ما لديك. الحقيقة أن الفترة الزاهرة كانت في عهد معاليه وكانت بتواجده مع عباس فائق غزاوي.
أيضاً المرحلة كانت مرحلة بناء وانتقال من بدء الإذاعة السعودية في مكة المكرمة ثم تطورت فكانت مرحلة بناء بلا شك.
كان معاليه يستمع للإذاعة بنهم في كل أوقاته وأذكر في عهده أذيعت أول أغنية في تلك الفترة «يا عروس الروض» التي غناها بعد ذلك محمد عبده وأضاف لها بحلاوة صوته أيضا أغنية «الله يرضى عليك يا ابني» لوديع الصافي.
معاليه كان يعرف كل واحد من العاملين باسمه وهذه ميزة لرجل في مقامه ويقود الوزارة ومع ذلك يعرف الكل بأسمائهم.
كانت بدايتي مع الإذاعة في سنة 1378هـ وكان من العمالقة في تلك الفترة من ممثلي الإذاعة: حسن دردير وعبدالرحمن يغمور ومن المذيعين بدر كريم وعبدالله راجح ومحمد الشعلان ومحمد حيدر مشيخ، وكان يرأسنا عباس غزاوي وهو أستاذ هذا الجيل في نظري وكان الداعم والموجه له هو معالي الشيخ جميل الحجيلان، وهذا التألق لم يكن لو لم يكن هناك دعم، كما أن هناك أصواتاً نسائية ظهرت من أهمها سلوى الحجيلان -حرم عباس غزاوي- وفاتنة أمين شاكر.
الحقيقة لقد كانت فترة خصبة ومن يعمل في الإذاعة يتعلق بالعشق والمحبة، وقد كنا نخرج من الإذاعة في ساعات متأخرة من الليل ونبحث عن العشاء فنجد معظم الأماكن مقفلة فالعشق له دور كبير.
أنا منذ نعومة أظفاري كنت متعاوناً وكنا نأخذ مكافآت أفضل من الموظفين ولكن هذه الفترة لم تستمر.
الشيخ جميل جاء إلى الإذاعة كمدير عام للإذاعة والصحافة والنشر ثم أصبح وزيراً للإعلام بعد أن انتقلت الأمور إلى وزارة الإعلام.
إن نجاحات معاليه في المجالات الأخرى التي تسنمها ومن أبرزها المجال الدبلوماسي نابع من تطلعه للإصلاح وقد ملأ الكرسي ولم يملؤه الكرسي وقد كتب الله له النجاح. أتمنى لمعاليه طول البقاء وتمتعه بالصحة والعافية.