أستطيع القول: إن الشيخ جميل الحجيلان هو السفير الوحيد الذي مر عليّ يعطي صلاحيات كاملة للرجل الثاني في السفارة إذا كان كفؤا، ولم أر سفيرا يعطي صلاحيات مثل الشيخ جميل الحجيلان، وكانت تعليماته أنك إذا رأيت معاملة مهمة تستحق عرضها علي عرضها وإلا أتم إجراءاتها من عندك، فهو لا مركزي من الدرجة الأولى ويتميز بأنه يعطي كل ذي حق حقه؛ فلو أن موظفا في السفارة كتب أي تقرير جيد فهو ينسبه إلى ذلك الموظف وليس إلى نفسه كما هو حال معظم السفراء، ويعطي كل موظف الفرصة في إظهار مواهبه.
الشيخ الحجيلان مدرسة بحق ومبدع وهذا الإبداع ستسمع عنه من كل من عمل معه سواء في الصحة أم الإعلام، وقد عمل إنجازات رائعة في الوزارتين، ولا ننسى دوره في فتح المجال أمام المرأة في الإذاعة فقد كانت زوجتي من أوائل الإذاعيات السعوديات في القسم الفرنسي في وقت مبكر، كانت نظرة الشيخ جميل بعيدة المدى حيث أوجد قسما للإنجليزية وآخر للفرنسية بالإذاعة فكنت أقدم برنامجا باللغة الإنجليزية وزوجتي تقدم برنامج نساء شهيرات في الإسلام ومذيعة، أما شقيقته السيدة سلوى الحجيلان تربطنا بها علاقة قوية وهي صديقة زوجتي..
الحجيلان إداري من الدرجة الأولى مثقف ثقافة عالية رأيته يخطب بالفرنسية ارتجالا في حين كان الوزير الفرنسي يخطب من خطاب معد سلفاً كما أنه يجيد الإنجليزية أيضاً، وكان عندما يكتب تقريراً تطرب وأنت تقرأ له وتجد البلاغة الرائعة فيه، وحتى الآن في الصحف كل مقالة تجدها أحسن من الأخرى
لم يكن الشيخ الحجيلان حريصاً على المظاهر وكانت ثقته بنفسه لا حدود لها ويتسم بالحنكة، وكل من عمل معه قد استفاد منه وحاولنا التطبيق والسير على خطاه، فقد كنت أنا أحاول إعطاء صلاحيات للرجل الثاني في السفارة.
الشيخ الحجيلان في الأصل دبلوماسي فهو أول سفير سعودي في الكويت ثم أصبح من رجال الملك فيصل رحمه الله، ومنهجه منهج عظيم وإداري من الدرجة الأولى، حيث كان يعطي صلاحيات فهو رجل لا مركزي وهي سمات الإداري الناجح، فكما أنه اختير من قبل الملك فيصل - رحمه الله - فلديه القدرة على الاختيار فهو يختار الرجل المناسب في المكان المناسب ويعتمد عليه، ومن خلال عملي معه في السفارة في فرنسا رأيته يحرص على إقامة علاقات قوية مع الفرنسيين وحريص على التواصل معهم ولا يوجد وزير فرنسي لم يدخل بيته طيلة عملي معه، وقد كانت علاقاته مع المسؤولين الفرنسيين رائعة.
وعلى الجانب الشخصي كان حريصاً على التواصل، وقد كان يشرّفني بأسرته في منزلي في جدة كل ما سنحت له الفرصة بزيارة جدة..
رجل نفخر به وقد بلغني أنه بصدد كتابة مذكراته ولا شك أنها ستكون مصدراً مهماً لجيل اليوم.
سفير المملكة السابق في الهند والفلبين