في رأي المطربة الجميلة فيروز فإن «لغة الكلام تتعطل» لكن جاء من يقول لنا اليوم ان الكلام هو الشيء الوحيد الذي لا يتعطل أبدا.
قبل كل شيء فالمحادثة هي « لغز» حيث من المطلوب ان نفهم لماذا يقول الآخرون ما يقولونه.
وهناك أسئلة كثيرة حول الكلام في حياة البشر مثل: لماذا يستطيع المحبون ان يبوحوا بما يشعرون به ؟ وهل يمكن للمحادثة ان تمنع وقوع نزاعات عائلية؟ ولماذا يرتاح البعض للكلام مع الآلة وليس مع البشر؟ وهل من المطلوب ان يقول الإنسان لزملائه ما يفكر به بشكل دقيق عنهم؟ ولماذا يشعر الناس بالحرج عند الحديث عن عواطفهم ؟ ثم ما هي فضائل الصمت؟
وفي بحث جميل عن الكلام قرأته مؤخرا يقول ان استخدام لغة في الحديث تعتمد على المجاز والصورة والبلاغة لتغليف ما يريد الإنسان ان يقوله. وقد يكون هذا له اثر كبير في تغليب شكل الحديث على مضمونه.
ومثال ذلك معلمي البلاغة الذين يقنعون مستمعيهم بأنهم يقولون أشياء رائعة على الرغم من أنها تكون غير مفهومة بالنسبة لأولئك المستمعين، بالمقابل فإن الثرثرة لا تشكل شرطا من أجل إجادة المحادثة كما ان الصمت لن يؤذيها بالضرورة. وهناك الكثير من الحكماء والمفكرين في التاريخ الذين يحضرون الكثير من الحفلات والتجمعات والاجتماعات وغيرها وقد لا يتحدثون أثناءها بينما تلعلع أصوات غيرهم بالساعات، ثم يتفوهون بكلمة تدخل في سجل الكلمات الخالدة.
غير هذا هناك شيء اسمه «اللغة الرومانسية» التي كان الشعراء والروائيون وراءها، ذلك ان الحياة أصبحت تقليدا للشعر والرواية اللذين أصبحا مصدر أهل العشق.
أما مأساة القرن العشرين حسب الدراسة اللذيذة فهي تتمثل بعدم اختراع نماذج جديدة للمحادثة، هذا ولا سيما وان الصناعة السينمائية قد اختزلت الحوار بين البشر إلى حده الأدنى، فالمهم لم يعد الحديث وإنما تسليط آلات التصوير على البشر.
أخيرا أعترف أن هذا الكلام جعلني أحسب كلامي كل يوم وأزنه في ميزان الذهب والألماس.