لم يبرح المتحاورون حيرتهم حول احتمال فوز أنجيلا ميركل أو خسارتها، ولم يستطع المذيع أن ينتزع توقعاتهم، وختم النقاش بالقول: (بعد 3 أسابيع سنكون أكثر حكمة)، لم تستطع الحكمة أن تنبثق قبل موعدها، وموعد الحكمة دوماً يأتي متأخراً، أي بعد انقضاء الحاجة إليها وهم لن يعرفوا الجواب قبل إعلان النتائج رغم مهارتهم وذكائهم. وكل الحكم البشرية تكشف عن ملحظ خطير في أننا لا نكون حكماء إلا بعد انكسار الجرة، ولو بلغناها قبل الحدث لصرنا في دفتر الناجحين وليس الحكماء، وما نسميه ثقافياً بالحكمة ليس سوى خلاصة ذهنية راقية ومغرية ولها مسكن أثير على الألسنة أو لوحات الخطاطين، ويندر أن نستعين بها وقت الأزمة والثابت أن الإنسان لم ينجح بالحكمة، وأكثر النجاحات تأتي عبر المغامرة التي قد نسميها جنوناً، أو عبر الأخطاء التي سنسميها حماقة، وما بين جنون المغامرة ودرس الأخطاء تنبثق نجاحات البشر، وتظل الحكمة خطاباً ثقافياً نظن أننا نتعلم منه لكننا نكتشف باستمرار أننا لن نصل لحكمتنا الخاصة إلا بعد صافرة النهاية.