تَنَفَّسَ الصُّبحُ يجلو صورةَ السَّحر
والكائناتُ غَدَتْ للماءِ والشَّجَرِ
والناسُ ما بَرِحتْ في لِينِ مَرْقَدِها
تشكو من الضيقِ والأحزانِ والضجرِ
هُبُّوا اذكروا ربَّكمْ واسعَوْا لمقصِدِكمْ
وشَمِّرُوا عنْ أيادي الجِدِّ والظَّفَر
واستقبِلُوا نَسَماتِ الفَجْرِ ناعمةً
لعلَّها تُلْهِمُ الألبابَ بالفِكَر
واستمتِعوا بخيوطِ الشَّمسِ مُعْلِنَةً
صَباحَ خيرٍ على الأكوانِ والبَشَر
وأبصِروا الطيرَ جَدَّتْ نحوَ غايتِها
خُذوا منَ الطيرِ ما شِئتمْ منَ العِبَر
تغدُو خِماصًا وتأوي نحوَ مسكنِها
مَلأى الحَوَاصِل منْ ماءٍ ومنْ ثَمَر
لمْ تشْتكِ الجوعَ يومًا والظَّمَا أبدًا
ولمْ تُصارعْ لِفَرطِ الزَّهْوِ والبَطَر
ولمْ تُقاتِلْ لكيْ تَمْتَدَّ رُقْعَتُها
ولمْ تحارِبْ لِدَفْعِ العَوزِ والضَّرَر
بل ارتضتْ ما قضى الرحمنُ في ثِقَةٍ
فسَبَّحَتْ خالقَ الأحياءِ والحَجَر
راحتْ تَجُوبُ فَضاءَ الكَوْنِ في مَرَحٍ
وتُنْشِدُ اللَّحْنَ معزوفًا بلا وَتَر
لا شيءَ تَخْشَاه إلا باشِقًا نَزِقًا
أو طلقةً من رصاصِ الغادرِ الأشِر
تَمضي الحياةُ : حياةُ الطيرِ في دَعَةٍ
وفي أمانٍ - وإنْ لمْ تخلُ من حَذَر
وينقضي عمرُنا في دحرِ إخوتِنا
وفي العداواتِ والأحقادِ والكَدَر
نبغي لأنفسِنا ما لانَ من سُبُلٍ
ونُلْزِمُ الغيرَ نَهْجَ المَسْلك الوَعِر
ونبتغي أن نعيشَ العمرَ في سَعَةٍ
ولو يظلُّ سوانا داخلَ الحُفَر
ومَن يُخالفْ لنا رأيًا ومعتقدا
نمزِجْ معيشتَهُ بالملحِ والصَّبِر
وندعي أننا أولو حِجًى ونُهًى
ما قيمةُ العقلِ إنْ أودَى إلى الخَطَر؟!
- الرياض