جمعت ملابسي القديمة بعد أن نفضت الغبار عنها، ملابسي التي تركتها طويلاً في دولابي القديم البالي استعداداً لرميها، رغم احتفاظي بها لسنوات عديدة.. فجأة وكأنني أسمع عتاباً لا أعرف من أين مصدره فتراجعت عن رميها..!
أسمع همساً لا أفقه منه شيئاً.. فقط كأنه عتاب، السبب هو تفكيري في رمي تلك الملابس البالية.. حينها أكدت بيني وبين نفسي عدم رميها وأنني سأحافظ عليها وأحتفظ بها للأبد، فهي ذكرى لن تنسى، وماض لن تمسحه الأيام والسنون.. تذكرت تاريخها.. مناسباتها.. تفاصيلها.. جمالها وروعتها آنذاك، تذكرت بها الماضي البعيد، كيف كان جميلاً.. كيف كان رائعاً! الناس فيه على سجاياهم وطيبتهم.. تذكرت المناسبات الجميلة؛ العيد وفرحة جميع الناس فيه: رجالاً ونساء وأطفالاً وشيوخاً.. تذكرت الأفراح، الأعراس، المواليد، الوفايات.. تذكرت مناسبات عديدة، تذكرتها وكان تذكري لها صادقاً وحقيقياً. إنه تاريخ مضى، لكنه باقٍ في الذاكرة.. باق بكل أحداثه وكأنني أشاهد شريط فيديو لذلك الماضي.. مناسبات جميلة أو أحداث مؤلمة، إنها ستبقى ماضياً، إنها تاريخ، ولكن يبقى ماضياً جميلاً، جميل بأهله وبساطتهم، إنه ماض وسيبقى ماضياً للأبد، وكل ساعة بل كل ثانية ولحظة مضت فهي ماض، وحبذا لو كانت جميلة، نعم جميلة لأنها ماض، فالماضي جميل أياً كان -مؤلماً أو سعيداً- فهو ماض وهو دروس وعبر.. نستقي منها فلسفة الحياة وحكمة ناسها، وأحداث وصراعاتها وما يتلاءم وعجلتها السريعة والمتراكبة والمركبة.
Albatran151@gmail.com
- الأحساء