في المقال السابق تطرّقت لضعف بعض دور النشر الإلكتروني، وقصور خدماتها عن الوصول إلى مصاف مواقع بيع الكتاب الإلكترونية العالمية التي جعلت من الكتاب الإلكتروني منافسا شرسا للكتاب الورقي. هذا القصور أحدث فجوة بين تطلّعات الشباب الذي أصبح يفضّل القراءة الإلكترونية وبين قدرات دور النشر الإلكتروني، ولم يملأ هذه الفجوة إلا مواقع ومتطوّعون يمسحون الكتب ضوئيا لينشروها بنسخة البي دي إف.

بعد كتابة المقال حضرت معرض الكتاب الدولي في الشارقة، وبحثت عن دور نشر إلكترونية جديدة غير التي خرجت منها بانطباعي السابق، فوجدت دارا حديثة اسمها قرطبة، اطلّعت على تطبيقاتهم، وطريقة تسويقهم للكتب، وبعد اقتناع وقّعت معهم اتفاقية نشر كتابي « العاطلون عن الحب ينامون مبكراً»

ولأن الكتاب كما جاء في مقدمته تجارب نصيّة شعريّة، قرّرت أيضا أن يكون نشره تجربة للدخول في عالم النشر الإلكتروني، واستكناه مجاهيله، وجسّ نبض تقبّله بين القرّاء، ودراسة فعاليته في إيصال الكتاب إلى القراء بطريقة أفضل مما يفعله الورق.

النشر الإلكتروني بصيغة الإي بوب يمنح القارئ خيارات أفضل للتعامل مع النص، ويتيح له استخدامه في برامج القراءة الخاصة بهذا النوع. وهو أفضل بكثير من نسخ الكتب المصوّرة التي تتعامل مع النص على أنه صورة فتحرم القارئ مزايا التعامل التقني مع النص المكتوب. إضافة إلى ذلك فإنها تستطيع الوصول إلى فئة لم يكن الوصول إليها ممكنا عبر الكتاب الورقي كالمثقف الكفيف الذي يمكنه تحويل النص من مقروء إلى مسموع، وقد اضطررت سابقا لإرسال نسخة «وورد» من الكتاب إلى صديق كفيف تفضّل عليّ بطلبه ليستمع إليه عبر أجهزة القراءة الصوتية.

تجربة النشر الإلكتروني ما تزال في مراحلها الأولى، وآمل إن شاء الله أن تنجح لكي تصبح الكتب في ثوبها الإلكتروني ملائمة لهذا العصر الذي يختزن الثقافة والأدب في جهاز ذكي صغير.