َجيْئِينَ مِلْءَ الكَونِ شَدْوًا مُنغَّمَا
ومَعزوفةً للرُّوْحِ.. دِفْئًا وبلسَمَا
تَجيئِينَ دَفْقًا مِن شُمُوخٍ فنرتَقِي
على صَهوةِ الآمَالِ كَي نَبلُغَ السَّمَا
تَجيئينَ في طَلِّ الصَّباحَاتِ طِفلَةً
بمبسمِها شَهْدٌ فَما أطيبَ اللَّمَى!
خُيُوطٌ تَدلَّتْ مِن عُلُوٍّ كأنَّها
عُقُودُ جُمَانٍ لم تَزلْ ثَمَّ مَعْلَمَا
رسَمْتِ علَى وَجهِ الرُّبَا ألفَ لوحَةٍ
مِنَ العِشقِ للعلياءِ فاهتزَّتِ الحِمَى
أَرَاكِ فتعرُونِي لرُؤياكِ هَزَّةٌ
وتَغمُرُني البُشرَى كمَا الغيثِ إِذْ هَمَى
علَى صفحةِ الأيامِ ألقَاكِ مَورِدًا
بهِ لم يَزلْ قلبِي مُعنًّى ومُغْرَمَا
وألقَاكِ طَيْفًا مِن خَيالٍ مُجنَّحٍ
يجوبُ بيَ الآفَاقَ صَبًّا مُتَيَّمَا
شَربتُ ضِيَاكِ العذبَ لكنْ صبابتِي
إلى اليومِ لم تَبرحْ بِها لوعَةُ الظَّمَا
فأنتِ مَنَارٌ في فضَاءٍ يحوطُنَا
وأنتِ شُمُوخٌ بالطَّمُوحِينَ قَدْ سَمَا
وأنتِ عَطَاءٌ فاضَ في كُلِّ بُقعةٍ
وشَهْدٌ إلى الأرواحِ يَغْدُو مُيَمِّمَا
عُلُوُّكِ في الآفاقِ لحنٌ تَقاطَرتْ
عليهِ قُلُوبُ العاشقِينَ فأَلْزَمَا
وَضَوْءُكِ فتَّانٌ نُرجِّي وِصَالَهُ
ونُغْلِيْهِ مَهْرًا كُلَّمَا اللَّيلُ أَظْلَمَا
إذَا لم تَكُنْ في صَبْرِكِ اليومَ سَلْوةٌ
تُحِيكُ خُيُوطَ اليأْسِ للمجدِ سُلَّمَا
ولَم نَلْقَ في دِفْءٍ بعثتِيْهِ بينَنَا
سَبِيلاً لنَيْلِ المُكْرَمَاتِ مُتَمِّمَا
وكَرُّكِ لم يَبعثْ علَى الدَّأْبِ.. فالدُّنَى
خرابٌ ودمعُ العَينِ يجرِي تَنَدُّمَا
ذُكَاءُ وكَم أَذكَيْتِ فينَا صَبَابةً
وأحييتِ آمَالاً وقلبًا مُحَطَّمَا!
ستبقَينَ لحنًا خالدًا مَا ترنَّمَتْ
على الأيكِ أطيارٌ وثَغرٌ تَبسَّمَا
ذُكَاءُ تَدَنَّي وامنحِي القلبَ ومضَةً
تطيرُ بهِ نحوَ العُلا كَي يُنَعَّمَا
فمَنْ حادَ يومًا عَن ضِيَاكِ فرُبَّمَا
تَحيدُ بهِ الأحلامُ دَهْرًا ورُبَّمَا
Mashr-26@hotmail.com
- العُرضيَّة الشمالية