من نسل قصيدة أحمد شوقي الخالدة: (سلامٌ من صَبا بَرَدى أرَقُّ)
شعر/ فهد بن علي العبودي
ببحر دمائها غرقتْ دمشقُ
وما انفلقتْ لها في البحر طُرْقُ
وجاوز نزفُ نكبتها حدودًا
إلى أن كاد يَشرقُ منه شَرْقُ
قد انصدعتْ لها الأكباد وجدًا
وما للصدع في الأكباد رتْقُ
كم استجدتْ ذوي القربى دفاعًا
فجاوبها لهم دمعٌ ونطْقُ
تهون فظاظة الباغي على مَنْ
رأى إحسانَ شيعته يشُقُّ
وكم من مُدَّعٍ بالقول ودًّا
ولكنْ ودُّه كذبٌ ومذقُ
لكلّ سجيّةٍ في المرء سيما
وسيما الودّ تضحية وصدْقُ
إذا لم يردع السفّاحَ خُلْقٌ
فواهًا كيف لم يردعْه خَلْقُ !
ضمير الأمة استغشى دهورًا
فهل ما زال ينبض فيه عِرْقُ ؟!
وأيُّ مذلةٍ حلّتْ بقومٍ
عتادُ قتالهم شتمٌ وبَصْقُ ؟!
ورثنا عزةً من سالفينا
ولكنّا لها لا نستحِقُّ
عققنا السالفين بما أضعنا
وجيلاً من سُلالتنا نعُقُّ
ومنْ يشربْ من الإخلاد كأسًا
يُخامِرْ قلبَه خَوَرٌ ورِقُّ
إذا ما لامني بالعنف قومٌ
أجبتُ بأن بعضَ العنف رفْقُ
لقد ضاقتْ بقتلى القوم أرضٌ
كما قد ضاق بالأرواح أفْقُ
بذورُ إبائهمْ جثثٌ تهاوتْ
سقاها في الثرى قصْفٌ وحرْقُ
ستطلع باسقات العزّ منها
غدًا فيهنّ للأعقاب رزْقُ
ويثمر طلعُها مجدًا جنِيًّا
فطاب الجَنْيُ منه وطاب عِذقُ
ورغم دُجُنَّة الآفاق فيها
تبدّى من ثنايا الغيم برْقُ
كأن البرق لما لاح منها
تَبَسُّمُ واثقٍ والغيمَ شِدْقُ
أفادتكِ الرزايا اليومَ درسًا
فشكوى الضرّ للمخلوقِ حمْقُ
ثقي بالله واستسقيه نصرًا
يُثَبِّتْ جأشَ أرضكِ منه ودْقُ
- الدلم - 13-10-1433هـ