أناختْ بقلبي نايفاتُ المواجعِ
وسدّتْ طريقَ الفَرْحِ عنْ كلِّ شافعِ
وشيّعتَ الأحزانَ في موكبِ الأسى
لقلبٍ ترامتْهُ صروفُ الصّواقعِ
فيا ربِّ كمْ ضمّتْ فؤادي مصائبٌ
فغنّى ب(يا ويلاهُ) بينَ المجامعِ
تنادتْ برهطِ المُحزناتِ فأسمعتْ
دويَّ مآسي القلبِ كلَّ المسامعِ
وهبّتْ سِراعًا كي تقيمَ احتفالها
تباركُ مولودًا من الحُزْنِ فاجعي
أجنّتْ لهُ ضرباً من الشّوقِ غامضاً
خفيًا عن الإدراكِ بينَ الأضالعِ
تُناجيهِ إسرارًا إذا الليلُ ضمّنا
وتتلو عليهِ حافظاتِ الطوالعِ
وتسقيهِ من ماءِ الكآبةِ كُلما
تيبّستْ الأوداجُ عَطْشى المنازعِ
تهدهدُهُ كيما يكِنُّ بخاطري
وتحنو عليهِ حانياتِ المراضعِ
أجابتْ دُعاءَ المُحزنات فألبستْ
فؤادي جُناحَ الذَّلِ بينَ الخواضعِ
وأسكنتِ الأناتِ مهدَ مشاعري
لتُرضعَ قلبي من حليبِ النّوازعِ
أحاطتْ بهِ خوفًا عليهِ كأنّما
ترى أنّ إسعادي لهُ شرَّ واقعِ
وأرتعْنَ في جنبيّ كلَّ مُصيبةٍ
تغذّى بما في القلبِ من عُمْرِ يافعِ
فأسلمتُ روحي طاعةً غيرَ نادمٍ
وقيّدتُها - حُباً لها- غيرُ جازعِ
وأيقنتُ أنّي قدْ تركتُ لها الصِّبا
عشيقًا، وباقي العُمرِ غيرَ مُنازعِ
وحيدًا ترامتْني تباريحُ غُربتي
أسيراً لأيامٍ مضتْ دونَ راجعِ
أشدتُ لها في القلبِ متحفَ لوعةٍ
تطوفُ بهِ الآهاتُ منْ غيرِ وازعِ
ووطنتُهُ أنّي إذا الضُرُّ مسّهُ
غداةَ غدٍ أنّي لهُ غيرُ نافعِ
تشظّتْ بقلبي كلُّ أحلامِ عُمرِهِ
وأفرختِ الأحزانُ شتّى المواجعِ