ما زال رواة الشعر الشعبي يرددون قصيدة جديع التي رثى بها زوجته وجاء فيها:
وَجْدي عليها وَجْد راعي بعارين
أمسى خلاوي والسَّرَق حايفينه
أو وَجْدْ مِن لّحْقوه طَلاّبَة الدّين
صَكّةِ عْمَيّ القايلِه مِقْتِفينه
* أن عُمَيًّا في هذا الموضع مُصَغَّر مُرَخَّم كأنَّه تصغير أعْمَى كما قالوا سُوَيْد وإنَّما هو أسْود مُصَغَّر مرخّم» (غريب الحديث 1: 455). وقد كثر تفسير معنى (صكة عمي) وعلة استعماله، فقيل إنّ عُمَيًّا من العماليق، صكّ قومًا في الهاجرة فكني عن الهاجرة وشدة حرها بهذه الصكة، وقيل إنّ شدة الحرّ تصكّ فتُعمي، وذكر ابن عبدربه في العقد الفريد(1: 297) قول رؤبة يصف الفلاة إذ لمعت بالسراب في الهاجرة:
شبيه يَمٍّ بين عِبْرَيْن معًا
صًكة أعمى زاخرٍ قد أتْرِعَا
ولكن أقرب ما يطمأن إليه ما أورده ابن سيده عن ذلك من قول ابن الأعرابي «لقيتُه صَكَّةَ عُمَيّ؛ وذلك أن الظَّبْيَ إذا اشْتَدَّ عليه الحَرُّ طلَب الكِنَاسَ وقد بَرِقَتْ عينُه من بياض الشمس ولَمَعَانِها فيَسْدَرُ بَصَرُه حتى يَصُكَّ بنفسه الكِنَاس لا يُبْصِرُه فكأنَّ الحَرَّ صَكَّهُ إلى هذا الموضع «(المخصص، 2: 394). وبين الفارسيّ أنّ إعراب (صكة) في (لقيته صكةَ عُميّ)، النصب لأنه ظرف، وهو من نيابة المصدر عن اسم الزمان في الظرفية، مثل: مقدمَ الحاج، وخفوقَ النجم. (البغداديات، ص 591).
(1)انظر عن (صكة عمي) كتابة وافية لناصر الحميضي في صحيفة الرياض عدد 14981 في الثلاثاء 30 يونية 2009م
الرياض