سعود الفرج في (ربما.. أمل) شعري: قصائد الديوان جاءت على هيئة رسائل مقتضبة عبدالحفيظ الشمري
|
في تلويحة شعرية أولى أطل الشاعر السعودي سعود الفرج في ديوانه الجديد (ربما.. أمل) مؤكداً أن الشعر باق بأبدية مطلقة حتى وان غابت كل الاشياء، أو اختنقت كل الأصوات، فهو يستدرك بداية أن نفحة الطيوب، وشدى المودة لا يصوغها إلا الشعر باعتباره المحفز دائماً على وعد جميل:
سلام على ليلة في الشمال | وسحر الشباب ينادي تعال | فيا من ملكت شفاف القلوب | ألا تذكرين ليال الوصال |
(الديوان ص 9)
يأتي ديوان الشاعر الفرج على هيئة رسائل عاطفية، وصور إنسانية متواضعة تعبر عن ولع الإنسان بالجمال.. ذلك التمثل تحديداً في تجربة (الفرج) حينما يصور وباقتضاب حالة الجمال في العالم على قدرتها معتمداً في هذا السباق على ما يمتلكه من شعور متفائل بأن الشعر سيظل هو العلاج للعديد من لواعجبنا وآلامنا المبرحة. (ربما.. أمل) ديوان يحكي رغبة الخروج من مأزق العتمة التي وضعتنا فيه حياة المدينة، لنراه ينوه في أكثر من قصيدة بأهمية أن نتفاءل، بل ونبتسم، لعلنا ننتصر على قباحات كثيرة:
ابتسم فالسرور صدقاً علاج | لا تكن شاحباً ففيه انفراج | كل ليل وإن تطاول هماً | صاح لابد ان يليه انبلاج |
(الديوان ص 24)
هي رسالة إذن، يريد الشاعر الفرج ايصالها إلى القارئ، تكمن في حاجتنا إلى مزيد من التفاؤل، ومد جسور المودة مع من حولنا، لنكون أبعد ما نستطيع عن الأسى. يطوف فينا الشاعر بآفاق بعيدة.. نحو جماليات المدن الغارقة في مفاتن خضرتها، وبهاء مروجها وبحارها.. بل يصف لنا وبإحساس مرهف عوالم الذكريات التي مر بها، حينما وقف تارة عند مراتع الصبا، والأتراب، وأخرى حينما رأى بقايا القرى الوادعة وهي تئن من فرط تجاهل أهلها لنخلها السامق الجميل. الأمل في القصائد يحاول التواري دائماً رغم أنه يحاول إيجاده، والتفاعل معه، بل نراه وقد وسم فيه الديوان لعله يهذب هذه السيرة الحزينة التي سردها بكل صدق وواقعية، فلم يغادر أي مشهد إلا وأضاء جوانبه شعراً، في محاولة منه للخروج برؤى متكاملة تفي بالغرض، وتحقق المتعة والفائدة للقارئ. احتوى الديوان على العديد من القصائد القصيرة.. لتكثف في اقتضابها الكثير من المواقف الانسانية المعبرة، فكلما تناهت الصور بالتكثيف، اكتنزت بالقصص، والمقولات المتعددة. تعمد القصائد في ديوان (ربما.. أمل) التمسك ببناء القصيدة المألوف، إذ يتنقل الشاعر بين التفعيلة، والموزون رغبة منه في اقتفاء أثر المفردة الشعرية الكاملة، فها هو يبرع في تصوير شاعرية المكان على نحو ما فعل شعراء الفصحى من قبله. الشاعر الفرح يقيم علاقة قوية مع اللغة، إذ يستخلص من ورودها ورياحينها رحيق الجمال، فاللغة لا تأتي بشكل إيماء عابر إنما بتناول عميق ومتمكن من أدوات البناء الشعري المألوف منذ زمن.. ففضلاً عن هذا وذاك يظل الشاعر وفياً لمتلازمات الشعر حينما يكون في حضرة المكان، أو بين أطياف زمن قديم يسترعي صور العاطفة على نحو ما ذكره الشاعر في قصيدة (اللعبة أخطر) وكذلك قصيدة (وقديماً) فهو الذي يتذكر مقولات (بني عذرة) الغائبين في مجاهل التاريخ ليعيد لنا رسم صورة الماضي، بل ويسقطها بشكل بارع على الواقع الآن حيثما تصبح النظرة خارج سياق مألوفها، وقد يترتب عليها احياناً أذى كثير. لم ينس الشاعر هموم الأمة، وأحزانها، إذ نراه يتذكر حالنا جميعاً حينما نقف عاجزين عن صد أقل الأذى، لكن تناوله يأتي - كما أسلفنا - مقتضباً وموحياً للقارئ بأن هناك قضية ما خلف هذه الصورة أو تلك. ينوه الشاعر دائماً بأهمية التفاؤل والأمل إشارة: - (ربما.. أمل) (ديوان) - سعود عبدالكريم الفرج - دار أطياف - القطيف - 1427هـ - يقع الديوان في (104 صفحات) من القطع الصغير - لوحة الغلاف للفنانة سعاد أوخيك
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|