ولد الشاعر الموهوب: حمد بن سعد بن محمد الحجي - رحمه الله - في (مرات) القريبة من الرياض عام 1358هـ. إلا أنه تعرّض في بداية حياته لمرض (نفسي) جعله يتنقل من مصح لآخر داخل المملكة وخارجها.. تلمساً للعلاج من ذلك مستشفى الصحة النفسية بالطائف (شهار للأمراض العقلية سابقاً) ومن مراجعاته العديدة وتردده لهذا المستشفى فقد أحب الطائف وامتدحه في شعره.
من ذلك قوله من قصيدة طويلة:
الحسنُ في الطائفِ أَلوانُه
كثيرة في عين من ينظرُ
لكنما الحسن الذي شَاقَنِي
وباتَ عَقْلِي منهُ لا يبصرُ
مجسم في غادةٍ حلوةٍ
تمشي الهوينى طرفها يسحرُ
كالغصن تهتز إذا مَا مَشَتْ
تكاد من تيه الصِبا تَعثْرُ
منديلها الأخضر في كَفِها
يا حبذا منديلها الأَخْضرُ
الدرر والجوهر في نحرِها
يا ليتني الدر أو الجوهرُ
الكاتب القدير الأستاذ: محمد بن أحمد الشدي جمع شعر (الحجي) وأشرف على إعداده في ديوان باسم (عذاب السنين) يقع في (136) صفحة من القطع الصغير صدرت طبعته الأولى عام 1409ه/ 1989م عن دار الوطن للنشر والإعلام بالرياض احتوى على (57) قصيدة من الشعر المقفى الموزون صدّره بمقدمة ضافية عن حياة الشاعر وشعره والمعاناة التي عاشها في أواخر حياته حتى توفاه الله.
أجتزئ منها قوله ص (5):
(عرفت الشاعر الحجي بلبلاً مغرداً بشعر الحب والشوق والوطنية في مناسبات شعرية عديدة وسمعته يترنم بأشعاره بين أقرانه وأصدقائه.. وقرأت له أشعاراً رائعة كان ينشرها في اليمامة والبلاد والندوة والجزيرة والأضواء والورود اللبنانية وغيرها وكنت أتوسم فيه الشاعر المبدع لما في شعره من رقة وعذوبة وروعة ورهافة حس).
وعن شعر الشاعر والخصائص الفنية التي يتسم بها (أصالة وإبداعاً) أصدر الأستاذ الدكتور محمد بن سعد حسين الناقد والأديب والشاعر المعروف دراسة قيمة ومنصفة في حق الشاعر وشعره بعنوان (الشاعر حمد الحجي) صدرت عام 1407هـ/1987م في (87) صفحة من القطع المتوسط... منها قوله ص (7): (حديثنا هذا حديث... لا كالأحاديث لأنه عن شاعر... لا كالشعراء... إنه شاعر بزّ الفحول البزّل وهو ما زال ابن لبون... لم أر له نظيراً في شعراء العربية سوى طرفة بن العبد على رغم الفوارق البيئية - الزمنية منها والاجتماعية - بين الشاعرين).
وقد أشاد بشعره وشاعريته أيضا الأديب الشاعر الأستاذ عبدالله بن إدريس في كتابه المشهور (شعراء نجد المعاصرون).
ومن شعر الشاعر في وصف الوطن وحبه والفداء له يقول في قصيدة بعنوان (وطني) ص (12):
وطني فديتك أي مغنى فتنة
تزداد جدتها على الأيام
أي المرابع فيك لم تهتف به
ورقاء ذات تفجع وهيام
غنت على الفنن الوريف ظلاله
فروت مفاخر شادها أقوامي
السحر فيك أراه يا وطن الهوى
والمجد والتاريخ والإلهام
والزهر فوق رباك يأسر ناظري
والنحل ينفث أطيب الأنسام
يا نجد عندي لست غير خميلة
من أرز لبنان وحور الشام
ومن إخوانياته: قوله ص (75):
يا صديقي إليك أبعث شكري
فلقد جد لي اصطبار وعزم
أنت علمتني احتمال المآسي
والرزايا وجاءني منك علم
أنت لقنتني كدهري دروساً
هي عندي وإن خسرتك غنم
يا صديقي القديم إن جبيني
باذخ كالسما وأنفي أشم
لا تلمني إن قلت أنا انتهينا
هل فؤادي إلا دماء ولحم
رحم الله الشاعر (حمد الحجي) فقد كان بلبلاً مغرداً بجميل الشعر وأعذبه... وشاعراً أصيلاً من شعرائنا الشباب الذين يشار إليهم بالتميز والإبداع في شعرهم.
خاتمة:
ما أتمناه على الأخوين الكريمين الأديب الشاعر الأستاذ: عبدالله الوشمي رئيس نادي الرياض الأدبي والكاتب القدير الأستاذ: محمد بن أحمد الشدي جامع الديوان المشار إليه إعادة طباعته مضافاً إليه القصائد التي لم تنشر - إن وجدت - تخليداً لذكرى هذا الشاعر المتميز وتذكيراً بشعره وشاعريته في طباعة تليق به وإخراجاً يتفق وتقنية الطباعة الحديثة فقد مضى على طبعته الأولى (23) عاماً. في فترة كانت الطباعة في بدايات نهضتها الفنية.
الطائف