الثقافية - عطية الخبراني
يوماً تلو الآخر, تطل علينا قضية انتخابات الأندية الأدبية برؤوس سوداء واعتراضات شبه جمعية على أن هناك خللاً ما في آلية تسيير هذه العملية, ومن الحجج التي قد تطرأ أو يتحدث بها كل منتصر أو كل من له علاقة إيجابية بالانتخابات أن الأصوات العالية والتي تملأ الدنيا ضجيجاً هي من شأن الخاسر في هذه العملية الديمواقراطية والحضارية, لكننا لحظة بعد أخرى نجد أنفسنا مجبرين لإعادة التفكير مجدداً في كل هذه الأعذار والاعتراضات والطعون التي تأتي من هنا أو هناك, فليس من الممكن أن يجمع الكل على باطل, وليس من المعقول أن تتصاعد الاعتراضات على لا شيء, في ظل صمت وزارة الثقافة والإعلام ووكالتها للشؤون الثقافية أو في ظل تصريحاتها التي لا تزيد الأمر إلا تعقيداً أو لا تقول شيئاً كما يزعم معارضو الانتخابات. إن من أبرز الاعتراضات التي كثيراً ما يهجس بها المعترضون ويلمحون بها أو يصرحون هي تهمة التشكيك في عملية الاقتراع الإلكترونية, رغم ظاهرية حداثة التجربة وجمالها وسهولتها إلا أن من حق كل من له صوت ويريد أن يمنحه لمرشح ما أن يصل هذا الصوت لمرشحه دون الحاجة إلى الدخول في تراشقات كلامية كما حدث في أدبي جازان حين علا صوت بعض أعضاء الجمعية العمومية ليلة الاقتراع وبحضور وكيل وزارة الثقافة الدكتور ناصر الحجيلان مطالبين بتنفيذ مطلب كانوا قد تقدموا به لوكالة الوزارة لاعتماد الاقتراع اليدوي, إلا أنهم قوبلوا ليلتها برد مدير عام الأندية الأدبية الأستاذ عبدالله الكناني الذي يقول «لم يردنا شيء بهذا الشأن وسنعتمد الاقتراع الإلكتروني هذه الليلة» ليبدأ الشرح والمشهد ما زال مشدوهاً والمطالبات ما زالت معلقة, ولا تكاد المشكلة تهدأ إلا وتعود من جديد في مشهد درامي عجيب, ولعل من أبرز الاعتراضات أيضاً والتي صرح بها الكثير من المنتخبين هي فكرة التصويت للأشخاص لا البرامج, حيث يبدو هذا الاعتراض محل نظر, فليس هناك ما يجبر المرشح أن يقدم برنامجا انتخابياً على حد قول مدير عام الأندية, وأن الأمر خاضع لرغبة المرشح في تقديم ذلك من عدمه. ومن جازان إلى أبها إذ يظل الاعتراض معلقاً, ثم إلى الأحساء التي أجمع أكثر من نصف أعضاء الجمعية على خلل في الآلية أجبر الوزارة على تفهم ذلك ووضعه في قائمة الاهتمام, وفي مكة بدأ الصوت يعلو والأعضاء يلوحون مصرحين ومعرضين بأخطاء الوزارة في تسيير العملية, وليس ببعيد عنا خلافات نادي الدمام وطعونه التي لم يبق أحد إلا وسمع عنه. كل هذه الأصوات, هل تظل معلقة لتشهد على فشل صريح أو ظني في نفوس مثقفي الوطن على تجربة ناشئة كان الكل وما زال يعلق عليها الأمل أن تكون بذرة فعل ثقافي ديموقراطي قائم على تعدد الخيارات واختيار المثقف لمن يمثل صوته ورغبته في مجالس إدارات الأندية الأدبية ؟
ولعل أقرب الأحداث لنا خلال الأيام الماضية هي أحداث نادي أبها الأدبي الذي لا تزال الطعون والوعود معلقة حيث سرت أحاديث شبه مؤكدة من داخل الجمعية العمومية بنادي أبها الأدبي عن نية وزارة الثقافة والإعلام ممثلة في وكالتها للشؤون الثقافية في إعادة الاقتراع بالجمعية.
يأتي ذلك بعد الطعون التي تقدم بها أكثر من نصف أعضاء الجمعية الذين حضروا عملية الاقتراع.
وكان أبرز طعن تقدم به الأعضاء هو أن أربعة أسماء فازت في مجلس الإدارة لم يصوت لها هؤلاء الأعضاء مجتمعين, وهم الأساتذة أحمد التيهاني وأمل عسيري وظافر الجبيري وإبراهيم طالع الألمعي.
ومن تداعيات هذا الطعن قرر عضوان من مجلس الإدارة الانسحاب تضامناً مع طعون الجمعية وهما الدكتورة مريم الغامدي والأستاذ أحمد عبدالله عسيري, كما انسحب من أعضاء الاحتياط كل من الدكتور سعد عثمان والدكتور أحمد فايع والدكتور عبدالرحمن المحسني.
مصادر مقربة من الجمعية قالت إن وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية والمشرف العام على الانتخابات الدكتور ناصر الحجيلان أكد في نهاية الاجتماع الذي حضره بالنادي مؤخراً لبحث ملابسات هذه الطعون أن الوزارة ستعيد عملية الاقتراع بناء على هذه الطعون ولكن «دعوني أنظر لآلية معينة نستطيع أن نخرج من خلالها لإعادة الاقتراع وستكون في الأسبوع الذي يلي ملتقى المثقفين السعوديين».
الثقافية حاولت التواصل مع مصدر كبير بوزارة الثقافة والإعلام والذي أكد من جانبه أنه لا يعلم شيئاً عن نادي أبها الأدبي, وفيما يخص الأحاديث التي تسري أجاب: كل إنسان يصرح فهو مسؤول عن كلامه.
من جهة أخرى نفى عدد من أعضاء الجمعية العمومية بأدبي أبها أن يكون الدافع لتقديم الطعون هو دافع التيار, وإنما هم عبارة عن مجموعة من الأطياف الأدبية يرون أحقية أن يقدموا طعناً في نتيجة هذه الانتخابات.
كما حاولت الثقافية أيضاً التواصل مع عضو لجنة الانتخابات الدكتور علي سعد الموسى لكنها فشلت في ذلك أكثر من مرة.