حظيت التجربة السينمائية للفيلم الروائي القصير (مونوبولي) لمجموعة شابة من الهواة بقيادة المخرج الموهوب بدر الحمود، على إقبال جماهيري كبير، حيث تقترب المشاهدة من كسر رقم المليون وخلال أيام عدة من بدء عرضه، وهو الأمر غير المعتاد بالنسبة للأفلام القصيرة التي لا تعرف طريق الأضواء إلا عبر المهرجانات وعلى الأغلب لا تدر ربحية تذكر حتى مع عرضها على الشبكة العنكبوتية أو نيل فرصة بثها عبر إحدى القنوات التلفزيونية، فالحيز الزمني يكون موجزًا مما يتطلب تكثيفًا للغة السينمائية من خلال الصورة وهو التحدي الأصعب لصناع الفيلم، حيث ضرورة التجانس مع فحوى القضية التي يعبر عنها، فكان القالب الوثائقي (لمونوبولي) اختيارًا موفقًا واستخدامًا ناجحًا أضفى سلاسة ومرونة لعرض الأحداث التي خرجت بتهكمية ساخرة ذات نفس كاريكاتوري وذلك ضمن ثنائية تبادلية من خلال حديث الشخصيات عن تجاربهم من جهة والانتقال لحديث الكاتب المتخصص الذي يطرح القضية بالأرقام، فينكشف عمق الأزمة وحجم المشكلة عبر توازي هذين الخطيين في اتساق تصاعدي استطاع خلق المواءمة المبتغاة بين لغة الصورة والمضمون الذي طرح إشكالية مهمة وهي أزمة السكن التي تؤرق قطاعًا كبيرًا من المجتمع وتشكل همًا يتطلب النقاش ومحاولة طرح الحلول، وهنا يكون دور الفن وقيمته ذات الجوهر الثمين والأصيل، فالعمل وإن كان على يد هواة فقد خرج بطابع احترافي يشي بقدرات إبداعية خلاقة قادرة على استيعاب صناعة للسينما في المملكة التي تستدعي كنواة أولى وجود مؤسسة عامة للسينما كتأسيس لميلاد الفن السابع في بلادنا بمختلف أشكاله، فهو أداة للتواصل الحضاري بالغة التأثير وليس أقل ذلك إثراء وعي المتلقي إزاء همومه وقضاياه الكثر.
الباحة