تأليف: أحمد محمد الدغشي
الناشر:بيروت: الدار العربية للعلوم، 2010
الصفحات: (183) صفحة من القطع المتوسط
من مقدمة الكتاب: «أخذت ظاهرة الحوثية في اليمن حيزاً هائلاً من الاهتمام الإعلامي ومساحة واسعة من الجدل الثقافي والفكري على الصعيدَيْن الداخلي والخارجي. وظهرت كتابات متباينة الوجهة تأييداً ومعارضة بدوافع مختلفة، وإن الباحث الحُرّ يقف محتاراً حين يبحث عن كتاب أو دراسة عامة تتحلى بقدر معقول من الموضوعية». «إن الكتابة في قضية معقدة كالحوثية اختلط فيها الفكر بالسياسة والتاريخ بالحاضر والأيديولوجيا بالمنفعة لهي مدعاة إلى التريث ومجاهدة الذات...».
قسَّم المؤلف دراسته إلى مباحث عدة، تناول في المبحث الأول «الخلفية التاريخية»، تحدَّث فيها عن مكونين مذهبيين سائدين في اليمن عبر تاريخها الإسلامي، هما الشافعية «نسبة إلى الإمام محمد بن إدريس الشافعي»، والزيدية «نسبة إلى الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب»، عاش في ظلهما اليمنيون منذ نشأتهما على نحو من التآخي العام دون أن يعني ذلك خلو الأجواء من المناكفات والمشاحنات بين حين وآخر، وعادة ما يسهم في تأجيجها تسييس أي من المذهبين حين تدول الغلبة لأي منهما؛ ذلك أنه قد تمكَّن بعض الأئمة الزيدية من السيطرة على بعض المناطق في اليمن، وجعل المذهب الرسمي للحكم فيها هو المذهب الزيدي الهادوي «نسبة إلى الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي، تُوفِّي سنة 298 للهجرة - حقبة تزيد على ألف عام».
وقال «إن الحوثية مرت بمرحلتين، إحداهما «مرحلة التأسيس والتكوين 1990 للميلاد، وسمتها تربوية تعليمية، وفيها بلغت أعداد الطلاب وفقاً لبعض التقديرات نحواً من 18000 طالب وسبع وستين حلقة ومركزاً، وانتشرت في تسع محافظات يمنية، بما فيها بعض المحافظات ذات الطابع الشافعي السني أو المختلط. ثم مرحلة المواجهة المسلحة التي اندلعت في منتصف عام 2004 ميلادية. وهنا انتقلت الحركة الحوثية إلى طور آخر نجمت عنه أزمة وطنية كبرى لا تزال تداعياتها مستمرة إلى أمد لا يعلم مداه إلا الله تعالى».
وقال: إن عوامل ظهور الحوثية تعزى إلى عاملين رئيسيين، داخلي وخارجي. ورأى أنه خلافاً للشائع من كون مؤسس الحوثية «حسين الحوثي» تابعاً مطلقاً للاثني عشرية القادمة من إيران أو لبنان فقد تبيّن أن حسين الحوثي على خلاف كلي مع الفكر الاثني عشري الإمامي، وأبرز شاهد على ذلك موقفه الرافض بشدة لفكرة الإمام الغائب الثاني عشر وتحذيره من إحلال المذهب الإمامي في اليمن.
وختم المؤلف دراسته بعدد من التوصيات، منها : «على السلطة السياسية التعامل مع الظاهرة الحوثية بوصفها ظاهرة مذهبية قديمة، وإن تجلت اليوم بصورة مختلفة نسبياً.. لكن ذلك لا يحيلها إلى كيان غاز فاقد للشرعية من الأساس؛ إذ هي في حقيقة الأمر امتداد للمدرسة الزيدية «الجارودية»، وهي قائمة باليمن منذ قرون متطاولة. هذا بغض النظر عن قناعتي أو قناعة هذا الطرف أو ذاك بفكرها وأطروحاتها».
-