الثقافية - عطية الخبراني:
أكد المفكر والناقد الدكتور عبدالله الغذامي أن موقفه لم يكن إلا مع المؤسسة الثقافية بما أنها مؤسسة مشيراً إلى أنه انتقد وزارة الثقافة منذ استلام الأستاذ إياد مدني لهذه الوزارة وكان أول قرار اتخذه هو إلغاء الانتخابات.
ويقول الغذامي إنني ألقيت في الأسبوع الأول من إلغاء الانتخابات كلمة في نادي جدة الأدبي أعلنت فيها مقاطعتي للأندية الأدبية بسبب إلغاء الانتخابات وإنني لن أعود للأندية الأدبية إلا إذا عادت الانتخابات، فقضيتي هنا هي قضية موضوعية متعلقة برفضي لإلغاء الانتخابات وما زال الأمر قائماً وهو موقف ضد المؤسسة وليس ضد الأشخاص.
أما فيما يتعلق برأيه في استقالة الدكتور عبدالعزيز السبيل فيقول: أنا متأكد أن الدكتور السبيل لم يكن له دخل مباشر في إلغاء الانتخابات وإنما كانت المسألة من الوزير نفسه وهذه مسألة أساسية يجب أن تسجل، وبعيداً عن الانتخابات فإن الدكتور السبيل كان مخلصاً في عمله ومجتهداً بأقصى درجات الاجتهاد وما قدمته من انتقادات في معرض الكتاب مثلاً هو أن معرض الكتاب تغير أمره ومستواه عما كان عليه حين كانت وزارة التعليم العالي هي التي تديره وهذه برأيي إشكالات إدارية وبيروقراطية قلتها من قبل وسأقولها الآن وربما مستقبلاً للوزير أو الوكيل طالما أن الأمور لم تعدل في مسألة الانتخابات ولم يأخذ معرض الكتاب مجراه من الناحية الثقافية.
ويضيف: هذا موضع انتقاد من عندي بكل تأكيد لكن لا بد أن أؤكد أن الدكتور السبيل قد سفك دم قلبه من أجل الوزارة والثقافة في المملكة وأثبت أنه ليس طالب منصب لأنه لو كان كذلك لتشبث بمنصبه ولكنه ترك منصبه في اللحظة التي يطالبه فيها الجميع بالبقاء ومن تابع الكتابات الصحفية خلال الأسبوع الماضي لعرف ذلك، لأنه من النادر جداً لدينا أن تجد إنساناً وبين يديه عمل ولا ضير عليه فيه ثم يقدم استقالته، فهذا مثال راقٍ جداً في التصرف والأخلاق. وعن مدى نجاح الدكتور السبيل في إدارة الثقافة في السعودية يقول الدكتور الغذامي: من الصعب أن يقال عن أحد إنه نجح في إدارة الثقافة أو لم ينجح فالثقافة مسألة صعبة ومعقدة جداً وليست شيئاً ينجز، كما أنها ليست ك» خبز التميس» نقوم بطبخه وإنضاجه ثم أكله فالمسألة أكثر تعقيداً من أن نضعها في مثل هذا الكلام.
ويتابع الغذامي: الدكتور السبيل كان مخلصاً وجاداً وأما مسائل النجاح من عدمها فهذه تأخذ سنين ومدداً طويلة، وقد قلت للدكتور عبدالعزيز في نصيحتي له من أجل البقاء إن العمل في مجال الثقافة لا تظهر نتائجه إلا بعد سنوات طويلة وكنت أنصحه بأن يبقى لكي ينضج أفكاره التي بدأها لأن المدة التي مكثها قصيرة ولا تعتبر في زمن الثقافات مدة كافية لإنضاج المشاريع والرؤى ولكن له رأيه الخاص لأنه يعتقد أنه قدم ما يمكن تقديمه وأن ميله لجانبه البحثي الثقافي أولى، فإذا قسنا ما عمله على هذه السنوات التي مكثها فإن تلك السنوات كانت تدل على إنسان بذل كل ما يستطيع وكان صادقاً في ذلك.
وفي رده على سؤال حول تطلعاته للمرحلة القادمة مع وكيل الوزارة الجديد أجاب الغذامي: ما زلت أكرر أن قضيتي الأولى والأخيرة هي الانتخابات لأنها دليل على العقل الثقافي في حين إن التعيينات دليل على العقل البيروقراطي والوزارة تحتاج إلى الانتقال من البيروقراطية إلى الثقافة لأن الثقافة لا تحتاج إلى من يديرها ولا إلى من يوجهها ولا إلى من يكون وصياً عليها، وإنما تحتاج إلى الحرية، إلى أن تترك وشأنها، فالمثقفون من الواجب أن يتركوا وشأنهم في أندية أدبية منتخبة أو في اتحاد للكتاب أو في مؤسسات ثقافية يتولاها المثقفون بأنفسهم، أما إذا أخذت الوزارة على عاتقها أن تدير وتوجه وترعى فهذه وصاية تؤثر سلباً على الثقافة.
ورداً على من يقول: إن الغذامي مكث مدة ليست بالقصيرة في الأندية ثم عاد ليطالب بالانتخابات يقول الغذامي: إن هذا غير صحيح فأنا دخلت نادي جدة عن طريق الانتخاب ثم استقلت في عام 1409 هـ حينما انتقلت إلى الرياض وقد أجريت الانتخابات في نادي جدة ثلاث مرات وكل الأعضاء كانوا في النادي عن طريق أصوات الناخبين ومدتي كانت موجزة وانتهت باستقالتي، وكنت قد ذكرت تصريحاً في ذلك الوقت وفي عهد الأمير فيصل بن فهد- رحمه الله- أنه آن الأوان لقراءة الفاتحة على الأندية الأدبية ونُشر ذلك في الصحف، وقد جاءني خطاب عتاب من الأمير فيصل بخط يده وأرسلت له خطاباً بخط يدي أيضا قلت له إنني أقول هذا لأنني أريد للأندية الأدبية أن تطبق مبدأ الانتخابات مرة أخرى وأن يكون الحد الأعلى للعضو أربع سنوات أسوة بمجلس الوزراء ومجلس الشورى وتفهم الأمير كلامي وكان ودوداً وأخوياً وراقياً في عتابه وفي تفهمه، فموقفي هذا قديم ويعود إلى أكثر من خمسة وعشرين عاماً.
من جهته يرى الغذامي أنه لن يكون هناك التقاء ولا افتراق بينه وبين وزار ة الثقافة فالقضية عنده هي أن تعود فكرة العقل الثقافي بدلاً من البيروقراطية وفي كل مرة يستمر الوضع كما هو في إلغاء الانتخابات ومنع المؤسسات الثقافية من أن تكون حرة في انتقاء أعضائها وجمعياتها العمومية فسيظل موقفه كما هو. وعن اتهامه لوزارة الثقافة بالإعاقة الذهنية والعجز العقلي بأنه وصف جارح يقول الدكتور عبدالله: هو جارح بكل تأكيد لكنني أقوله وسأظل لأننا إذا لم نجرحها لن تنتبه إلى مشاكلها.