د. فراس عالم
رغم النجاح الكبير الذي حققه المخرج الأمريكي (مايكل مور) في فيلمة (فهرنهايت 9-11) والذي انتقد بشدة حرب بوش على الإرهاب، واستغلاله أحداث سبتمبر لإرعاب الناس وتخويفهم، ومن ثم السيطرة على إرادتهم. ذلك النجاح الكبير يعزى في جزء منه لعنوان الفيلم والذي اقتبسه مايكل مور بذكاء من رواية الكاتب الأمريكي الشهير راي برادبري والمعنونة ب(فهرنهايت 451)، تلك الرواية التي صدرت في عام 1953 ولم تزل تتداول حتى اليوم كواحدة من كلاسيكيات الأدب الأمريكي. تدور الرواية في أجواء كابوسية في زمن ما من المستقبل حيث تتحول إدارة الإطفاء إلى إدارة للحرائق، لكن لتلك الإدارة مهمة خاصة وهي إرسال فرق جوالة إلى كل منازل البلاد والتنقيب عن الكتب وإحراقها، لأن الكتب مدمرة للعقل وتدعو إلى الفساد حسب رأي حكام المستقبل، ولإتمام تلك المهمة تم تزويد فرق الإطفاء/ الحريق بمضخات للهب تم ضبط درجة حرارتها على درجة 451 فهرنهايت وهي درجة الحرارة اللازمة لإحراق الورق!.
وعلى الرغم من أن تلك الرواية ليست الرواية الوحيدة لراي برادبري والذي كتب قرابة الـ60 كتابا وأكثر من 600 قصة قصيرة ومقالة إلا أنها بالإضافة إلى روايته الأخرى (تاريخ المريخ) تعدان أكثر كتبه ذيوعاً والأعمق دلالة على أسلوبه المتميز في الكتابة والذي يغور بعمق في أبعد مخاوف الإنسان الغامضة ويبرزها جلية بدون زخرفة أو مجاملة كما أنه لا يخفي تشاؤمة من مستقبل البشرية المظلم إذا استمرت تسير على النهج اللا أخلاقي الذي تتخذه الآن.
ولد برادبري في عام 1920 ولم يكن يتوقع وهو يعمل كبائع صحف بعد أن أوقف تعليمه عند المرحلة الثانوية لضيق ذات اليد ولا حتى بعد أن تلقى أول 15 دولاراً كمكافأة على قصته الأولى، لم يدر بخلده يوما أنه سيتحول إلى ملهم وعلامة فارقة لجيل بأكمله من الأمريكيين. توج بنيله العديد من الجوائز أبرزها ميدالية الاستحقاق الوطنية للفنون 2004 والتي تسلمها من رئيس الجمهورية المثير للجدل وهو على مقعد متحرك!.
قاص ومترجم