ذهبتْ إلى السجن وقالت للسجينات المنكسرات المجروحات: أنا سأوصل صوتكن للخارج، سيسمع المسؤولون مشكلاتكن، ستحل معوقاتكن. الانكسار والضعف اللذان يسيطران على روح السجين يجعلانه يرى الأمل في كل قادم من خلف الأسوار.
وثقن بها، كشفن سرهن، بوحن بشكواهن؛ طالما أن السر والشكوى سيصلان لمن يستطيع المساعدة والحل. خرجتْ، فوجدت الموضة المنتشرة في الساحة التي تعطي صاحبها المال والشهرة هي موضة الرواية، فبدل أن تتعب نفسها وتمسك القلم لتخط من خيالها الإبداعي والفني سطورًا لأحداثٍ وشخوصٍ لرواية أدبية، وجدتْ في درج مكتبها ما يغنيها عن هذا التعب والتفكير وأخذ الوقت الطويل، فضربت الحديد وهو حامٍ، ضربت الساحة وهي حامية بهوس الروايات بأوراق - مودعة عندها أمانة لتوصيلها للمسؤولين - مسطرة بآلام المرميات وراء القضبان، وعذابات لياليهن؛ ونشرتها ليس بأسمائهن، بل باسمها مع وضع كلمة رواية عليها.
باستغلال وجشع وظلم واستبداد صدرتْ شكاوى المحرومات ليس لتصل إلى من يحلها، بل رواية تُقرأ للتسلية والترفيه، وتصبح المستودَعة على الأسرار هي البطلة، وهن مجرد خيال، وأصبحت مشكلاتهن وأسرارهن أحداثا وحبكة، وهل جُنَّ مسؤول وفقد عقله وأعلن أنه سيحل مشكلات بطلات رواية.
