اطلعت مؤخراً على كتاب (الدارة) الكتاب السادس عشر (يوميات حسين عبدا لله باسلامة) 1430هـ دارة الملك عبدا لعزيز. لقد تابعت ما سجله في يومياته من موجز الأخبار واهم الأحداث أثناء حصار الملك عبدا لعزيز لجدة. ابتداء من يوم الجمعة 16صفر 1344هـ 4-سبتمبر 1925م حتى يوم الاثنين 26 ذي القعدة 1344هـ 7- يونيو 1926م.
أعجبت بتتبعه ورصده رغم الإيجاز إلا أنه لم يغفل شيئاً من الأمور السياسية التي كانت تجري بين السلطان عبدالعزيز أثناء إقامة معسكره في الرغامة محاصراً الملك علي بن حسين بجدة. فنجدة يتابع حركة الطيران وقصفها لمعسكرات أبن سعود أو ذهابها إلى مكة لتوزيع المنشورات رغم أن قائدها الألماني غير مسلم, فنجد جريدة أم القرى تندد بقولها: (كيف يجرؤ حكام جدة على إرسال طيارة ركابها من الأجانب وتحليقها فوق سماء الكعبة المشرفة التي يؤمها ثلاثمائة مليون من المسلمين في اليوم والليلة خمس مرات.. تحتج على أعمال هذه الحكومة التي هي عبارة عن سلسلة من الأخطاء لا تغتفر ولا تمحى, وهل بعد اعتلاء الكفار على سطح الكعبة ذنب. والإسلام يعلوا ولا يعلى عليه) كان توجه الطائرة لمكة يوم الخميس 10 جمادى الأولى 1344هـ-26 نوفمبر 1925م أعقبها يوم الخميس التالي قيام الطائرة بضرب معسكر ابن سعود في بحرة وفي الرغامة.
ونجد أم (القرى) صحيفة ابن سعود الرسمية تنشر في 25 جمادى الأولى ما يأتي: (طارت طيارة من جدة يوم الأحد فسقطت على الأرض, وتحطمت, وقد أصيب حسن شيبة, والطيار الألماني برضوض شديدة وخطيرة. وسقطت طيارة أخرى بعد ذلك يوم الاثنين).
ولم يغفل شيئا دون ذكر فقد تتبع حركة المبعوثين القادمين من الدول الإسلامية والعربية للتوسط, حتى ما يخصه شخصيا مثل قوله السبت 3 جمادى الآخرة: (اشتريت الفرس المخلدية لقحة من حصان الشريف علي بن الحسين الحمداني في 4 أشهر بقيمة 12 جنيها ..) حتى أخبار الأمطار لم يهملها. وبعد أن توسط القنصل الانكليزي بين الطرفين وتنازل الملك علي ومغادرته جدة ودخول السلطان عبد العزيز إلى جدة ضيفا على الشيخ محمد نصيف ومقابلته لأعيان جدة وتقبل البيعة.
ثم عودة حسين باسلامة إلى مكة برسالة من عظمة السلطان إلى عبد الله الدملوجي واجتماعه بأعيان مكة في بيت الشيخ أمين الشيبي وتذاكرهم فيما سيقولونه لعظمة السلطان وعرضهم لما يلزم لإصلاح الحجاز, وعرضوا عليه ما اتفقوا على أهميته فأجاب بالقبول.
ثم اجتماع الهيئة المنتخبة بعظمة السلطان يوم الثلاثاء 20 جمادى الآخرة 5 يناير أعقبها اجتماع المجلس الأهلي المنتخب من مكة ووفد جدة ثم وفد المدينة المنورة، وفي 25 جمادى الآخرة اجتمع المجلس الأهلي مع الهيئة التأسيسية وتقرر انتخاب ثمانية أشخاص ذكر أسمائهم, وفي اليوم التالي 26 (.. اجتمعت الهيئة المنتخبة بجلالة الملك (السلطان) وورد اعتراض على الانتخاب الذي حصل بالأمس، وطلب من عظمة السلطان أن يعدل عن عموم الانتخابات, ويعين المأمورين تعيينا, فرفض الملك ذلك وزاد على الهيئة المخصصة ستة أنفار..) وذكر أسماؤهم.
أقول أن مثل هذه اليوميات التي سجلها المرحوم (حسين باسلامة) لهي التاريخ الحقيقي لأيام مضت لم يتوفر وقتها المؤرخ المتتبع المنصف. هناك بعض الملاحظات الطفيفة والأخطاء المطبعية التي لا تخفى على فطنة القارئ الحصيف فمثلا في صفحة 30 في الهامش وفي ترجمة عبدا لله فلبي انه بقي معتمدا للبريطانيين في شرقي الأردن (1340-1334) والصحيح 1344هـ.
وفي صفحة 38 ورد تاريخ 20 ديسمبر 1926م والصحيح 1925م وفي نهاية الهامش لم يستكمل التعليق وانتهى ب(على متن أحدهما الملك علي بن).
وفي الصفحة 52 الهامش: عبدا لوهاب عطار ولد بمكة المكرمة عينه، والملك عبدا لعزيز عضوًا.. (هكذا ورد) كما ورد في هامش الصفحة نفسها: عبدا لمقصود خوجة أنه أديب سعودي من أوائل من حركوا نهضة الأدب الحديث في المملكة..
الذي اعرفه ونشر عنه الكثير هو الأستاذ محمد سعيد عبدا لمقصود خوجة - رحمه الله - أحد رؤساء تحرير صحيفة أم القرى قبل الحرب العالمية الثانية فهل هو المقصود ؟
وبالله التوفيق ..
Abo-yarob.kashami@hotmail.com
الرياض