ارتبط بدر جاسم محمد القطامي بوطنه وبمجتمعه وتاريخه فكان يتجه برسومه إلى العامة من الناس بل ويتمثلون في جل أعماله الفنية. صدر عنه أكثر من مطبوعة من بينها وربما من اكبرها حجما ما سماه (الفنان القطامي) وصدر عام 1983.
يعتبر هذا الفنان من الجيل الكويتي الاول او قريبا منه، ولد في فريج غنيم بالكويت عام1943، درس في مدارسها وبدأ الرسم منذ صغره وكان العام 1958منطلقا لنشاطه الفني وبداية لحضوره في المعارض ومع بداية الستينات عمل مع البعثة الدنماركية الاثارية في فيلكا الكويتية عدة شهور وسافر خلال ذلك العقد إلى مصر وبريطانيا.
حرص منذ بدأ الرسم على تسجيل المظاهر الشعبية للمجتمع الكويتي وكان شديد الحرص على ان يكون أحد من يحافظون على التراث الشعبي المتمثل في الكثير من العادات والتقاليد والسلوكيات ولم تغره الاتجاهات الفنية الحديثة عن ان يحيد عن توجهه الفني الذي خطه لنفسه منذ البداية.
تعرفت على بدر القطامي عند زيارته لمدينة الرياض عام 1988 تقريبا وفي ذلك العام قدم من الكويت ليقيم معرضا شخصيا برعاية الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون وقد حرص على ان يضمن معرضه اعمالا يرسمها من المملكة وتحديدا منطقة الرياض فجهزت له الجمعية ما يساعده على تحقيق ذلك. أقام عدة أيام في الرياض، وكان يخرج إلى الدرعية يوميا من أجل أن يرسم اطلالها ومبانيها الشعبية القديمة كما رسم بعض المنازل القديمة في انحاء مختلفة من العاصمة، وكنت اكثر من مرة صحبته برفقة الفنان التشكيلي ناصر الموسى الذي كان يتقلد حينها نائب رئيس لجنة الفنون التشكيلية في الجمعية إلى حيث يجد المَشَاهد التي تروق له، وكانت الاجواء حينها مناسبة ليخطط باقلام الرصاص ويلون في غرفة الفندق التي خصصتها له الجمعية، وكان ياخذ معه علبة الوان مائية صغيرة ليلون بعض الاجزاء التي يرى اهمية تثبيتها عند رسمه المباشر للتخطيطات.
كان معرضه جاهزا للافتتاح وكان يصر على ان يفتتحه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب يرحمه الله، لكن المعرض تاخر لفترة بعد ان تم طباعة دليل المعرض الذي قدم له سمو الأمير فيصل بن فهد.
يرسم الفنان بدر القطامي أعماله بكثير من البساطة والتلقائية وهي أعمال لا نجد فيها كلفة أو تعقيدا بقدر رسمه على سجيته وكان من يرسم هو طفل صغير يرى الاشياء بمنظوره الخاص بل وطريقته الخاصة مع ذلك كانت اعمالا مقبولة ومستحسنة، ربما لان الفنان لم يتلق دروسا عملية في الفن في جامعة أو أكاديمية مثل عدد من فناني الكويت (ايوب حسين)مثلا، كانت الرسومات على سجيتها وبساطتها وهي شخصيته المتواضعة البسيطة وحبه العفوي للآخرين ،كان من بين اعماله فريج سعود والختمة والفلقة والعقاب ورسمها اوائل الستينات كما رسم اعمالا اخرى تالية بينها السمك في الميزان وبيت الشعر وآثار نكسة 1967 وغيرها من أعمال تأخذنا إلى حيث البدايات لفناني الخليج بشكل عام، وهم يلتقون في الاهتمامات والمواضيع وغيرها مما يضع معظمهم في سياق متقارب على مستوى الامكانية والتناول أحب الفن وأخلص له كما أحب تراثه ومجتمعه فوثق عدداً من صوره ومظاهره.
رحل عن دنيانا خلال مارس الماضي وترك أثراً فنياً يوثق لفترة عاشها، فترة تحول عاشتها المنطقة الخليجية نحو كثير من المظاهر الحديثة على مستويات كثيرة.
رحم الله بدر القطامي فقد كان ابن الديرة والمخلص لها.
aalsoliman@hotmail.com
الدمام